يعتبر اليمن إحدى الدول التي تعمل إيران على زعزعته؛ من أجل تمرير مشروعها التوسعي في المنطقة، وتصدير مشاكلها الطائفية إليه؛ ولأن إيران تسعى إلى استثمار التركيبة الاجتماعية في اليمن كوسيلة لتسلله، وتحقيق مآربه، فإنني أخشى أن يكون بروزهم في اليمن نقطة فاصلة؛ لتكون المنطقة - بعد ذلك - في مرمى أهداف الحركة الحوثية. الأمر الذي يدعونا إلى ضرورة التأكيد على انتشال اليمن من أزمته، والعمل على دعم وحدته، - لاسيما - في ظل غياب التوازن الإستراتيجي بين إيران، ودول منطقة الخليج العربي.
القراءة المتأنية للملف الحوثي، تشير إلى أنها حركة إرهابية في شمال اليمن، قادرة على مواجهة عسكرية ممتدة مع جميع الأطراف، بدءاً من التحريض الجماهيري على الفوضى، ومروراً بزرع العبوات الناسفة، وانتهاءً بقدرتها على إدارة حرب جيش منظّم، والقتال على أطراف المدن؛ ليبدو بوضوح تجاوز الدعم المادي الإيراني بشقيه - المادي والمعنوي - لتلك الحركة حدود حماية المذهب، وهو ما أعلنه زعيمهم - قبل أيام -، من خلال ظهوره المفاجئ فيما يُسمى بيوم الغدير، أنهم: «سيواصلون نضالهم؛ حتى تعود الولاية في الحكم للإمام علي».
من الناحية المذهبية، فإن الحوثية تعتبر إحدى الفصائل الإثني عشرية، تتلبس برداء الزيدية، والزيدية منها براء، - خصوصاً - في طبعتها الفارسية السوداء. بينما تشير الحقائق إلى عمل الحركة الدؤوب على نشر التشيع الصفوي، فهي إحدى الأدوات المهمة في تنفيذ المشروع الإيراني الإستراتيجي، كونها مرتبطة به روحياً، ولوجستياً، ضمن مواقع التأثير؛ حتى وإن حاولوا إخفاء الطابع المذهبي الطائفي لحركتهم، والتمويه بأن ليس لهم طموحات مذهبية واسعة.
في أكثر من زاوية، فإن هناك ارتباكاً واضحاً لدى الأوساط السياسية، داخل دوائر صنع القرار في اليمن، - خصوصاً - بعد اشتعال الجنوب، وذلك من خلال دعم الحركات الانفصالية هناك، وشراء ولاءات تلك القبائل، والمحكومة - بلا شك - بحركات سياسية مذهبية موالية لإيران؛ لتتلاقى المصالح بين الطرفين، طالما أنهم يدّعون أحقيتهم في الحكم كما تبيّن في أول المقالة، حينما ألحقوا نسبهم - زوراً - بآل البيت الكرام. فهم غير مكترثين بالدولة اليمنية، وهذا ما يجعلنا نؤكّد على سر تزامن تمرد الحوثيين - خلال السنوات القليلة الماضية -، مع اندلاع المشروع الصفوي الخطير في المنطقة، والتي يعمل على إعداد خطتها دهاقنة «قم»، وفق لعبة سياسية مفهومة.