منذ البداية، كان متوقعا ألا يصل جنيف 2 إلى نتائج إيجابية؛ للخروج من عنق الأزمة السورية. فالتوصل إلى حل سياسي شامل لأزمة الثلاث سنوات؛ من أجل إنهاء الحرب الأهلية، وقيام حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، بما فيها - العسكرية والأمنية -، بعد تنحي بشار الأسد قد فشل، - خصوصا - حين حاول الجانب السوري المفاوض إفشال جنيف 2، والخروج به عن مساره القاضي بإقامة حكم انتقالي في سوريا.
احتمالات نجاح مؤتمر 2 كانت ضئيلة للغاية، إذ لا يوجد ما يوحي بنجاح المؤتمر. فالرؤية غير الواقعية إزاء تطورات الأحداث في سوريا، أدت إلى عدم الوصول إلى خيارات ملموسة، وإنما الاكتفاء باستعراضات سياسية على طاولة المباحثات، بدت - وكأنها - مؤشرات نحو الفشل، أقرب إليها من أسباب النجاح. فالنظام يدور حول خيارات محاربة الإرهاب بكافة صوره - هكذا يزعم -، ووفد المعارضة يطالب بإقصاء الأسد في هذه المرحلة، وذلك وفق معادلة غاية في التعقيد، كان أبرزها: غياب التوافق الدولي حول الأزمة السورية، وعدم الوصول إلى تفاهم مشترك.
تاريخيا، تكمن أهمية وثيقة جنيف 1، على اتفاق الدول الخمس - ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن - على بنودها، والخيارات - كلها - تطرح نفسها على طاولة المفاوضات، وكان لزاما على المجتمع الدولي، الضغط على النظام السوري ؛ لإنجاح المؤتمر، - وبالتالي - العمل على منع تكرار تأجيل المؤتمر - مرة أخرى -، وحقن مزيد من شلالات الدماء البريئة، إلا أن التفاوض بين الطرفين كان صعبا في تحقيق نصر لطرف على الآخر، وهو ما أدى إلى فشل المؤتمر - منذ لحظاته الأولى -.
في تقديري، فإن استمرار الحريق السوري، سيمهد إلى عقد ما سيسمى بجنيف 3، والذي سيكون على خارطة مؤتمرات المستقبل القادمة؛ لاستكمال طريق الحل السياسي، والذي سينبثق عن مؤتمر جنيف2. وستكون المفاوضات مملة، وطويلة ؛ لتشكل غطاء تستمر معه كل أنواع المعاناة، والاحتراب. فالنظام لا يريد التنازل عن السلطة، وتنفيذ مقررات جنيف 1؛ مراهنا على انتصارات أرض المعركة، باعتبار أنها ستحدد التغيرات السياسية القادمة، والتي أخشى أن تكون مفاجأة من العيار الثقيل، عندما تُقسّم سوريا إلى اتحاد كونفدرالي، تحت مظلة دوله الثلاث، ووضعها تحت وصاية دولية، وفق قاعدة الإثنيات، والطوائف، والعمل على ضرورة حمايتها، الأمر الذي سيزيد من معاناة الشعب السوري.