بعد حصول وزارة الإسكان على بعض الأراضي، وإقرار منح المواطن أرضاً وقرضاً، وأنباء عن فرض رسوم على الأراضي البيضاء وعن إقرار إستراتيجية الإسكان، بلغ التوتر والضبابية في سوق العقار ذروته، وأصبح المواطن والمطور والمضارب يسأل عن مستقبل العقار.
وللإجابة عن هذا السؤال سنلخص الإجابة في احتمالين لا ثالث لهما.
الاحتمال الأول وهو إجهاض أو تأخير إقرار إستراتيجية الإسكان والتي تشمل رسوماً على الأراضي البيضاء وبهذا يبقى السوق على ما هو عليه، ضبابية مع ثبات في الأسعار أو ارتفاعات بسيطة كل فترة بسبب زيادة القروض سواء من البنك العقاري أو من البنوك التجارية، وبهذا تستمر أزمة السكن لعشر سنوات قادمة.. رغم أن هذا الاحتمال ضعيف لكنه وارد.
وهناك سببان لضعف هذا الاحتمال، السبب الأول، هو استحالة أن يتم تقديم مصلحة 200 شخص من محتكري الأراضي على مصلحة البلد وعلى مصلحة 20 مليون مواطن، هناك من يتمنى إجهاض إستراتيجية الإسكان وعرقلتها بشتى الطرق.. السبب الثاني أن سوق العقار اليوم، باحتكار الأراضي، يضر باقتصاد البلد بدل أن يكون داعماً له، وإذا كنا نرغب في إصلاح اقتصادي فلا بد من تنظيم هذا السوق ووضعه في مساره الصحيح ليسهم في تطور الاقتصاد.
في هذا الاحتمال يروّج بعض ملاّك الأراضي بأن الرسوم سيتم تحميلها على المواطن، وهذا إما أنه جهل أو تضليل، والسبب اقتصادي بحت لا يجهله من سمع بعلم الاقتصاد حتى وإن لم يتخصص به.. حسب تقرير هيئة تطوير مدينة الرياض فإن ما تحتاجه المدينة لحل أزمة الإسكان هو 30% من الأراضي البيضاء، بمعنى أن 70% منها لن يكون له حاجة، وهذا يعني أنه في حال تم إجبار الملاّك على التطوير أو البيع كما نصت الإستراتيجية، وكما صرح وزير الإسكان فإن فائض المعروض في السوق سيكون ضعفين أو ثلاثة أضعاف المطلوب، وهذا يعني انخفاضاً في الأسعار وبشكل كبير، كما أن التقديرات الأولية للرسوم قد تفوق 200 مليار سنوياً، ولا يوجد سيولة لدى المحتكر بهذا الحجم.
الاحتمال الثاني، هو إقرار إستراتيجية الإسكان وفرض رسوم، وبالتالي إلغاء مبدأ أن الأرض مستودع للثروة ومن ثم تحويل المخزون من الأراضي والذي يبلغ ملياري متر مربع، وذلك بحسب تقرير هيئة تطوير الرياض في مجلة تطوير عدد 62، إلى معروض مع توزيع أراضي الإسكان، مما سينتج عنه انخفاض الأسعار وحل مشكلة الإسكان وتنظيم السوق ليساهم في اقتصاد البلد مساهمة إيجابية.
شخصياً، أرجح الاحتمال الثاني لأنه ليس توقعاً وإنما هناك إستراتيجية مرفوعة رسمياً من وزارة الإسكان، وهي الوزارة التي فوضتها الحكومة لحل أزمة الإسكان، ومن الخطورة بمكان الاستهانة بها.. والأهم من هذا كله، وخصوصاً للمستثمرين، كيف يمكن الاستثمار بمليارات الريالات أو بأموال المساهمين في سوق فيه هذه المخاطرة وتشوبه هذه الضبابية، لذا الحذر واجب.
نحن أمام تحول جذري في سوق العقار ستختفي فيه المصطلحات العقارية القديمة التي تقول: «إن الأرض لا تأكل ولا تشرب وخل الشمس تضربها ويزيد سعرها»، وسنرى هذه التحول قريباً جداً عند إقرار إستراتيجية الإسكان.
نحن الآن أمام فريقين يُراهنان على العقار، فريق يراهن على استمرار سوق غير منظم يؤثر سلباً على الاقتصاد، وفريق يراهن على تنظيم السوق وإقرار إستراتيجية الإسكان، فكن عزيزي المستثمر مع أي الفريقين شئت ولن يتحمل النتائج غيرك.