منذ أكثر من عامين ووزارة الإسكان تسعى إلى شراكه مع المطوِّرين العقاريين، وبالرغم من ورش العمل والاجتماعات والمقابلات، إلا أن جميع هذه الجهود أخفقت في اقتراح صيغة لهذه الشراكة. ولكن لماذا فشلت هذه الشراكة رغم حاجة الطرفين لبعضهما، والأهم لماذا فشلت والبلد يحتاج لهذا التعاون لحلِّ أزمة السكن؟
الجميع يعلم أنّه من الصعب أن يَتمَّ حل مشكلة الإسكان من دون تدخل المطور العقاري، ولهذا فإنَّ هذا التعاون مهم جدًا في حل الأزمة، وفشل هذا التعاون هو فشل في حل أزمة الإسكان. ولأهمية هذا الموضوع يجب أن نعمل على تحديد أسباب هذا الفشل، ثمَّ وضع حلول له. أحد المطوِّرين كان متحمسًا للتعاون مع وزارة الإسكان وكان متحمسًا لحضور اجتماعات الوزارة وورش عملها، سألته عن آخر ورشة عمل فقال: «لم أحضر، ولماذا أحضر، مضيعة وقت!» والحقيقة لا أحد يلومه لأنّه يبدو أن الوزارة رغم كثرة اجتماعاتها وورش عملها مع المطوِّرين لم تخرج بنتيجة.
وبعد التحدث مع أكثر من مطور ومتابعة عمل الوزارة وحضور إحدى ورش العمل، يبدو أن أسباب الفشل تتلخص فيما يلي:
السبب الأول أن الوزارة لم تجتمع بمطوِّرين عقاريين وإنما بتجار أراضٍ ولو وضعت قائمة بالحضور وبجوارها قائمة بمشروعات التطوير التي نفذها كل شخص أو شركة لما دُعي بعض الحضور. هذا لا يعني أنّه لم يكن هناك مطوِّرون ولكن من استأثر بدعوة الوزارة وقيادة الاجتماع من قبل القطاع الخاص هم تجار الأراضي وليس المطوِّرين.
السبب الثاني وهو مربط الفرس، أن الوزارة ليس لديها رؤية واضحة أو آلية لهذه الشراكة تَضمَّن ربح جميع الأطراف وحل أزمة الإسكان، بل الأسوأ من هذا أن الوزارة أرادت أن يقوم المطور ببناء وحدات بأقل من سعر التكلفة وهذا ما جعل الشراكة مع الوزارة مستحيلة.
السبب الثالث أن المطور يرغب بربح لا يقل عن 40 في المئة بمعنى أن المسكن الذي يكلِّف مليون ريال سيباع بمبلغ مليون وأربعمائة ألف ريال، وهذا حق مشروع إذا ما افترضنا 20 في المئة عن كل سنة وأن المسكن سيحتاج إلى سنتي بناء، والوزارة لن تقبل بهذا الهامش، وقد كان بالإمكان إيجاد طريقة لتقليل هامش الربح ليستفيد المواطن، ولكن للأسف الحل كان بيد الوزارة ولكن لم يتم تطبيقه أو ربَّما التفكير به.
هذه هي الأسباب في فشل شراكة وزارة الإسكان مع المطوِّرين وبالتالي فشل حل ولو جزء من مشكلة الإسكان، ولو لم يكن هناك حلول لاختلقنا الأعذار للوزارة، ولكن هناك حلول مبتكرة تَضمَّن تعاونًا مثمرًا بين الوزارة والمطوِّرين وتقديم منتجات بهامش ربح بسيط يرضي الجميع وبالتالي يستفيد المطور والمواطن والوزارة، ولكن للأسف يبدو أن قدرات الوزارة في إدارة هذا الملف محدودة ومحدودة جدًا.
بالرغم من أنَّي أعلم أن الحلول إذا لم يقدمها شخص أشقر لا يتكلَّم العربيَّة ويجهل السوق السعودي ولم تدفع الوزارة له ملايين الريالات مقابل لها فإنَّ ليس لها قيمة، إلا أنّه في المقال القادم بإذن الله سنتطرَّق لبعض الحلول المبتكرة التي سترضي جميع الأطراف وستساعد على حل ولو جزء من المشكلة وستُؤدِّي إلى آلية واضحة وشراكة بين الوزارة والمطور.