ثمة كأس وذهب بالمنصة.. وثمة مشهد في المدرج يسر الناظرين ولا يمكن وصفه.. وثمة بطل المسابقة في العام الماضي داخل الملعب وبمعيته وصيفه.. كل معالم الجمال ذاك المساء في سلم المشاهدة مصطفة.. سبت مختلف بحضور سلمان علا طيفه.. ونهائي بهذه المقومات - حتماً - لا يمكن معه إلا تقديم فنجان المتعة لضيفه.
كأس سمو ولي العهد.. الأميرة التي اعتادت حضن الهلاليين.. حتى أصبحت أشبه بالتوأم السيامي آخر السنين.. عشقت الهلال آخر ستة أعوام.. فبادلها الزعيم هذا الغرام.. لم يقو أحد على فك تلك المعادلة.. حاول الاتفاق فما استطاع.. تقدم الشباب فلم يقدر على غير المعتاد.. وظهر الأهلي فعاد بخفي حنين.. وبزغ نجم الوحدة لكن بخماسية أفل ولم يبين.. ثم تقدم العام الماضي من بين الصفوف العالمي فمارس ذات الأنين.. الكل في المشهد الأخير يسقط.. والهلال بتوأمه يحتفل.
لم يستكن العالمي لتجربة السنة الماضية.. في الصيف جمع اللبن ولم يضيعه.. شمر الرئيس عن ساعديه.. فجلب من المحلي أفضل موجودة.. وأحضر من الأجانب من يزيد وقوده.. لم يدع كحيلان للمصادفة مجالا.. ولم ينتظر من الحظ عطفا أو حنانا.
أما العقل المفكر كارينو.. فكانت سطور كتابه منذ العام الماضي.. تنبئ بخاتمة جميلة في نهاية الرواية.. تدوير بين اللاعبين.. وقلب للنتائج وفكر بالتغيير.. وحماس منقطع النظير.. زد على ذلك محبة اللاعبين له ومحبته لهم.. فهل مثل هذا لا يتوج بذهب؟
أما اللاعبون.. فما بين حارس هو السد الأمين.. ودفاع هو الحصن المنيع.. ووسط جمع بين قوة الاستخلاص في الخلف وبديع الصناعة للأمام.. وهجوم يعزف مع كل الفرص لحن الأهداف.. كل ذلك كان - قطعاً - نهايته ترجمة لهذا الإبداع داخل المستطيل الأخضر.. فشاهدنا عبد الله العنزي بحلة جديدة.. وتجلى عمر هوساوي فقدم ما لم يقدمه.. وظهر شائع وغالب فأصبح كل منافس مغلوب.. ولم يعد مع السهلاوي أي صعب.. فكان الذهب هو النتيجة الحتمية لكل ذلك.
أما المدرج.. فحكايته حكاية.. معه لم تعد الشمس تشرق فقط بالصباح.. في العصر كانت تراقص المغيب.. وفي المساء تحضر بمشهدها المهيب.. الكل ليس هنا فقط بل حتى في الخليج.. أشاد بمنظرها البهيج.. قدمت للنصر في أحلك ظروفه الولاء.. فقدم لها هذا الموسم أطيب مذاق وأجود أداء.
وبمعية هذه الكوكبة.. لم يعد للهلال وجود.. بدر النصر وحده تجلى في السماء.. فشاهدنا أشعة الشمس وهي تشرق بالمساء.. لم تنفع هذه المرة توأمة الهلال والأميرة.. فلم تكن الكأس كما كانت سابقاً مصيره.. تقدم الدكتور (العالمي) هذه المرة.. وبعد فشله العام الماضي عاود الكرة.. لينجح في محاولته الثانية وبامتياز في فصل التوأم السيامي الذي التصق لأعوام بين الهلال والكأس.. وكان عصياً على الآخرين صعب المراس.
قدم العالمي مهر البطولة.. عمل بلا كلل.. وجدّ بلا كسل.. فدانت له البطولة الأولى هذا الموسم.. والدوري منه قد اقترب.. وتلك بالتأكيد معادلات الحياة.. فمن أراد لؤلؤاً عليه أن يغطس بالبحر.. ويبدو أن العالمي لن يكتفي فقط باللؤلؤ.. فمرجان الدوري قاب قوسين أو أدنى من خزائنه.. وكأس الأبطال بهذا الفريق الفريد لن يكون عنه ببعيد.
من هنا وهناك
- لوحة فريدة قدمها جمهور الفريقين في المدرج.. لم يعكر صفوها إلا ما حدث نهاية المباراة وخلالها من قبل إدارة الاستاد وذلك بتشغيلها للموسيقى وبشكل عال ومزعج ومستفز لأغلب من في المدرج.
- الحكم السلوفيني الذي أدار النهائي.. اختلفنا أو اتفقنا على صحة ضربة الجزاء.. إلا أنه أرحم بمليون مرة من أولئك الحكام المحليين الذين أصبحت الكوارث ملازمة لأدائهم والارتباك ديدنهم.
- وجود مرعي العواجي في النهائي.. هو نوع من أنواع التكريم له.. ولا أدري ماذا قدم من تميز حتى يصافح راعي المباراة.. فأخطاؤه في مباراة الشباب والنصر الشهيرة لا تنسى.. عموماً هذا الحضور يميط اللثام عن أحد أهم أسباب عدم تطور لجنة الحكام.
- لدى الهلال أحد أفضل المحاور المحلية إضافة إلى محور أجنبي دولي.. واستقطب قلبي دفاع أجانب.. علاوة على اللاعبين المحليين.. ومع هذا يُضرب دفاعه في كل مباراة.. مشكلة الهلال تنظيمية بحتة.. لم يفلح سامي حتى الآن في حلها.
- وسط النصر كان كلمة السر في تفوق فريقه.. استخلص الكثير من الكرات.. وصنع العديد من الفرص.. في حين وقع وسط الهلال بفخ الاستعراض.. ووأد باحتفاظه بالكرة الكثير من الطلعات الهجومية للفريق الأزرق.
- محمد السهلاوي.. ما زال يواصل علاقته الوطيدة مع شباك الهلال.. في حين وقع - كعادته - ناصر الشمراني بالنهائيات.. أما ألتون فأضاع برعونته العديد من الهجمات.. في حين لم يتبقَ من ياسر القحطاني سوى اسمه.
- في النهائي.. لم يحضر من الأجانب سوى البحريني محمد حسين.. أما نيفيز الأبرز في كل الجولات السابقة فقد قدم أسوأ مستوياته.. وأضاع فرصاً كانت كفيلة بعودة الهلال للمباراة.. في حين كان كاستيلو ضيف شرف كالعادة.
خاتمة
المشهد .. معاق قادم للملعب يرتدي فانيلة النصر.. ومن يدفع عربته قريبه بلباس الهلال.. جمعهم حب الرياضة.. ولم يفرقهم الانتماء.. بظني تلك الصورة هي أجمل ما في النهائي.. اختصرت الكثير مما يُقال .. وترجمت (لا للتعصب) بأبهى لوحة باذخة الجمال.. فأوصلت رسائل عن التنافس الشريف هي أبلغ من ألف مقال .. فشكراً لهما .. وليتنا بهما نقتدي.