بعد أن اطمأن التونسيون إلى ختم الدستور، وإلى تسلم حكومة المهدي جمعة المستقلة الحكم، عاد الهاجس الأمني ليسيطر على النفوس، خاصة بعد إلقاء القبض على أكبر مزودين للجماعات المسلحة المرابطة بجبل الشعانبي بمحافظة القصرين، حيث لا تزال قوات الأمن والجيش تحكم ملاحقتها للعناصر الإرهابية التي اتخذت من الجبل ملجأ لها بعد تضييق الخناق عليها. فيما أعلنت وزارة الداخلية أمس الأول أنها أوقفت عدداً من العناصر من المتشددين في محافظات مختلفة من البلاد على خلفية تعاملهم مع العصابات الإرهابية.
وتواترت أخبار خلال الأيام القليلة الماضية، مفادها نجاح عدد من هذه العناصر الخطيرة في التسلل إلى المدن المجاورة، ومنها إلى العاصمة تونس؛ إذ تسعى إلى تنفيذ مخططات إرهابية جديدة، وكأنه لم يرقها عودة الاستقرار إلى البلاد، منتهزة فرصة انشغال الرأي العام بتطورات المشهد السياسي وانفراج الوضع عامة.
سياسياً، استأثر لقاء نائب وزير الخارجية الأمريكي «وليام بيرينز» بكل من راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة والباجي قائد السبسي زعيم حركة «نداء تونس» باهتمام الرأي العام والطبقة السياسية؛ إذ كان بيرينز قد عبر عن تقديره للدور الذي لعبته النّخبة السياسية التّونسية بمختلف اتجاهاتها في تحقيق الوفاق الوطني من خلال ما قدّمه الفرقاء السياسيون من تنازلات، وتغليبهم مصلحة البلاد على مصالحهم الحزبية، ناقلاً تمنيات الإدارة الأمريكية بأن يتم إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، وواعداً بتقديم الدّعم الذي تحتاج إليه تونس لإنجاح مسارها الدّيمقراطي.
وقبل ذلك التقى نائب وزير الخارجية الأمريكية برئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة المهدي جمعة، وكان اللقاء فرصة، جدد من خلالها مبعوث البيت الأبيض وقوف أمريكا إلى جانب تونس في هذه المرحلة الانتقالية، معرباً عن أمله بأن تتوفق البلاد إلى تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في أقرب الأوقات، بما يستجيب إلى تطلعات الشعب التونسي في إرساء دولة ديمقراطية.
وفي سياق غير متصل، تشنُّ قيادات اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار الوطني حملة مضادة لسلسلة الانتقادات الموجهة له مستنكرة الاعتداءات التي تطول مقار الاتحاد داخل الجهات. واعتبر نواب رئيس الاتحاد أن نجاح منظمتهم في إدارة الحوار وفي إخراج تونس من أزمتها السياسية ساء بعض الأطراف المتحزبة التي كانت تراهن على فشل الحوار، وتعول على انحياز رئيس الاتحاد الحسين العباسي إليها.
وقال مسؤولون بالمكتب التنفيذي للاتحاد إن منظمتهم مدركة أنها تقوم بأصعب الأدوار بقيادتها الرباعي الراعي للحوار، وبسعيها إلى إحلال التوافق بين الفرقاء السياسيين، وأن أطراف معينة تضايقت من دور الاتحاد ومن النتائج الإيجابية التي حققها الرباعي بقيادته، مشددين على أنه «أمام كل الأطراف السياسية معركة ليست مع الاتحاد بل مع الاستحقاقات الانتخابية القادمة». وأشاروا إلى أنه على البعض أن يعي أن فشلهم في الانتخابات قد يقضي عليهم كلون سياسي، وينهي وجودها في الساحة المحلية، ودعوهم إلى مراجعة أهدافهم، وتحديد وجهة معاركهم مستقبلاً.