منذ تكشّفت أوراقُ الجهاد الافغاني، صار واضحاً للجميع أن هناك من يلعب بمفهوم الجهاد من خلف الستار. والذين استمروا في تعاطيهم مع هذا المفهوم، لا شك أنهم يعون كل الوعي بأنهم سيكونون ضحايا لهؤلاء اللاعبين في منطقة ما أو زمن ما، وربما لم يكن يهمهم سوى أن ينالوا الشهادة، بغض النظر عن اللعبة السياسية الدائرة. وهذا ما جعل التحريض للجهاد يلقى آذاناً صاغية لدى الشباب الفاقدين لفرص التعبير عن ذواتهم أو للعيش في مساحات اجتماعية تحميهم من هؤلاء المحرضين.
إن مواقع التواصل الاجتماعي التي تحظى باهتمام ومتابعة الشباب لا تخلو من الإشارات الواضحة لاستغلال ما يُسمى بأمراء الجهاد، لاندفاع الشباب لميادين الشهادة، وهناك العديد من الوثائق المرئية التي تجسدهم وهم يقهقهون على رسائل الذين ضحوا بأرواحهم من أجل ما يظنون انه سبيل الله.
لا ينكر أي عاقل الجهود التي يبذلها عدد من مشايخنا في إيضاح حقيقة الجهاد، وذلك منذ أن انزاح القناع الافغاني، لكن هذه الجهود تظل فردية، أما المشايخ الذين يحملون أجندات سياسية، والذين رضوا منذ البدء أن يكونوا اطرافاً في اللعبة، فيملكون وهجاً أكبر وحضوراً أوسع، وهم الوجه الآخر لأولئك الأمراء الجهاديين الذين يقهقهون على الوصايا الأخيرة للشباب التواقين لحور العين.
هل نستطيع كأفراد مواجهة هؤلاء المشايخ؟! طبعاً لا، فمواجهتهم مرهونة بإصلاح أوضاع الشباب، وهو ما تتملص منه جميع مؤسساتنا الحكومية.