جيري فالويل، واعظ أمريكي شهير، وهو من أشهر الوعاظ الذين ارتبط اسمهم بالنصب، والاحتيال، والعنصرية، وهو مثال حي للكيفية التي يستغل فيها «الواعظ» سذاجة أتباعه ليكسب الملايين، وليتجاوز كل الحدود المقبولة في الكذب، والفجور، وهو من أشهر وعاظ التلفزيون، أو من يسمون بالـ»انفولوجستس»، وقد أسس منظمة كبرى يتكسب منها من خلال الوعظ الديني، ثم أنشأ جامعة خاصة، وهي جامعة لها قصة سأختم بها هذا المقال.
عندما بدأت معركة الحقوق المدنية في أمريكا، في منتصف القرن الماضي، كان فالويل من المناوئين لها، وكان من أشرس الداعين للفصل العنصري، وقد استغل برنامجه التلفزيوني لاستضافة أقطاب العنصرية الأمريكية، ليتحدثوا عن مساوئ إقرار قانون المساواة بين البيض، والسود، ومن ضمنهم جورج والاس، حاكم ولاية الباما، في الستينيات من القرن الماضي، والذي كان يعتبر رأس الحربة في الحرب على حركة الحقوق المدنية، والتي نجحت على أي حال، وانتهى الأمر بالحاكم والاس معاقا، بعد إصابته بطلق ناري، ومعزولا حتى مات وحيداً، عدا من أتباعه المخلصين، من جماعة الكلوكلس كلان.
رفعت قضاياكثيرة على الواعظ فالويل خلال مسيرته، ومعظم هذه القضايا تتعلق بالفساد المالي، واستغلال النفوذ، ومن الطرائف أن شابا غاضبا، يدعى ادوارد جانسون غضب من استغلال هذا الواعظ للبسطاء، ومن ضمنهم لوالدته، والتي تبرعت له بمبالغ كبير، وحيث إن هذا الواعظ قد أسس خدمة هاتفية مدفوعة الثمن للمتبرعين لمنظمته، فقد برمج هذا الشاب جهاز حاسبه ليتصل بهذا الهاتف بلا توقف، وعندما اكتشفت لعبة الشاب، كان هذا الواعظ قد خسر مبلغ نصف مليون دولار كفاتورة لهاتف منظمته!، وبلغ الفساد لدى فالويل درجة أن قال عنه المعلق كريستوفر هيشينز: «إن ما قام به فالويل من انتهاكات يعتبر جريمة ضد الدين، والأخلاق الإنسانية، ويدل على شيء واحد، وهو أن باستطاعتك -في أمريكا- أن ترتكب أسوأ الموبقات، طالما أنك تحمل لقب «واعظ ديني»!، وأضيف هنا، ليس في أمريكا فقط -يا سيد هيشينز- بل في كل مكان!!.
الواعظ فالويل، والذي مات قبل سنوات، كان عدواً صريحاً للإسلام، ومناصراً قوياً لإسرائيل، من منطلقات لاهوتية بحتة، ومما لا يمكن أن ينسى أنه قال ذات يوم، وفي معرض طلبه من تابعيه أن يتبرعوا لجامعته الخاصة، جامعة الحرية!!، «إن الله - تعالى الله عن زعمه علواً كبيراً- قد أخبره أنه سيغضب من التابعين إن لم يتبرعوا!!»، وقد تبرع معظمهم بطيب خاطر، ومضوا في طريقهم يدافعون عنه، ومضى هو إلى أحد قصوره، ليحصي غنائمه، ويضحك، من أعماق قلبه على السذج، والذين قال عنهم يوماً: «إن وجودي مرتبط بوجودهم!!»، وقد صدق!.