حاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يخفف من استياء حلفاء الولايات المتحدة الذين تعرضوا للتجسس على مكالماتهم الهاتفية وخرق خصوصياتهم وحرياتهم، وذلك بالقول إن عمليات التجسس لن تطول قادة الدول الأجنبية الصديقة، إلا أن عمليات التجسس ستتواصل؛ إذ ستكون الحرية الشخصية لأي إنسان عرضة لاختراق المخابرات الأمريكية والتنصت على أقواله، وستكون على دراية بأفعاله طالما أن الشركات الأمريكية هي الأكثر باعاً في تصنيع أجهزة الاتصالات وأجهزة الحاسب الآلي.
والأخطر من ذلك أن المخابرات الأمريكية قد اتفقت مسبقاً مع الشركات المبرمجة والمصنعة للأجهزة وبرامج الاتصالات، بما فيها أجهزة الحاسوب والهواتف المتنقلة؛ لتساعدها على اختراق تلك البرامج، وهو ما يجعل كل الاتصالات والمكالمات مهما كانت محصنة ببرامج حماية متاحةً للجهات الأمريكية من رئيس الدولة إلى الخفير، أو الإنسان العادي.
أوباما في محاولة للتخفيف من غضب حلفائه من رؤساء الدول الغربية أبلغ هؤلاء الرؤساء بأن جمع البيانات قد توقفت، وأنه لن يكون بعد ذلك تجسس على قادة الدول الأجنبية الصديقة.
قول الرئيس الأمريكي هذا لم يقنع الدول الصديقة إذا كان هناك فعلاً تمييز في تلقي المعلومة عن دولة أو رئيس، أو حكومة صديقة، أو حتى عدوة؛ لأن التعامل مع المعلومات لا يستثني الأصدقاء.
وها هو رئيس جهاز مخابرات يقول لرئيس دولة، عاتبه على التجسس على بلاده، إن متابعة اتصالاته حماية لأمنه وأمن بلده من نفسه..!! فأمريكا تعتبر نفسها حامية حمى العالم، وأنها من أجل حماية العالم الحُر، الذي لا يصبح حُراً إن لم يحصل على شهادة (حسن سير وأخلاق) من واشنطن، عليها أن تسمع حتى دبيب النمل..!! ثم إن نظام التجسس متواصل، وإن هذا (السستم) لا يمكن أن يميز بين مكالمة موجَّهة إلى الرئيس أو إلى الوزير أو إلى شخص عادي.. التجسُّس مستمر، فقط رُفعت أرقام هواتف رؤساء الدول الأجنبية الصديقة، أما باقي الأرقام لكل المواطنين، غربيين أو شرقيين، عرباً ومسلمين، لا تزال تُراقَب وتُسجَّل مكالماتها وتُحلَّل وتُرفَع تقارير عن مضامينها.
أما الادعاء بالحفاظ على الحرية الشخصية وحرية الإنسان في القول والأحاديث الهاتفية فهذا لا يهم أمريكا التي من أجل أن تحمي العالم والإنسان من نفسه سمحت لمخابراتها بأن تتجسس عليه، وتضبط تحركاته، وتُحصي خطواته، وتُحلِّل كلماته!!