بقلم - جون بودرو وريفين جيزوثاسان وديفيد كريلمان:
عندما تعيّن عاملين في الشركة، هل تفترض أنّهم باقون فيها لمدّة شهر، أو سنة، أو طوال مسيرتهم المهنية؟ من المؤكّد أنّ الإجابة عن هذا السؤال تُحدِث فرقاً كبيراً على صعيد الأوصاف التي ستحددها للمرشّحين، ومدى تناسبهم مع الوظيفة، أو مع فريق العمل، أو مع الثقافة المؤسسيّة، أو مع «عقد العمل» الذي ستعرضه عليهم.
وقد يكون نموذج توظيف تقليديّ ناجحاً بنظر البعض، في حين قد يتلمّس آخرون النجاح باعتماد نموذج يستند إلى توظيف قصير الأمد. وفي الحالات القصوى، قد يُستحسَن عدم الإقدام أصلاً على أي «تعيين» للقوى العاملة، أو العمل على «تسريحهم» و»تعيينهم» مرات عدّة. ولا شكّ في أنّ القادة يحتاجون إلى مبادئ راسخة لتطوير استراتيجّيات مرتبطة بالمواهب تتناسب مع الوضع القائم، ويتوجّب عليهم اعتماد مقاربة تسمح باستغلال المواهب إلى أقصى الحدود. وغالباً ما تختفي المبادئ الضرورية لذلك وسط بحر من وجهات النظر المتفاوتة والأمثلة المقتضبة. وكذلك، من شأن هذه الآراء أن تعتّم على الحاجة إلى التشكيك في الافتراضات الراسخة، علماً بأنّ التخلّي عن بعض الافتراضات قد يكون بالغ الأهمّية لرؤية خيارات جديدة تسمح باستغلال المواهب إلى أقصى الحدود.
من المؤكّد أن المؤسسات ستحتاج مستقبلاً إلى المهارات، وقد يودّ العاملون أن يكون تقدّمهم في الشركة قابلاً للتوقّع. إلا أن الأسواق الخاضعة لتغيّرات مستمرّة وسريعة قد تجعل أيّ محاولة توقّع خطيرة، إلى حدّ يعيق تصرّف أي مؤسسة أو فرد. فما الذي سيساعد على تحديد إطار يسمح باتّخاذ قرارات أكثر «مثاليّة»؟
سيتطلّب الأمر تحرّراً من بعض الاعتقادات الأساسية، على غرار «التوظيف» و»المؤسسة».
لن يكون «التوظيف» الطريقة الوحيدة التي تعتمدها المؤسسات لحثّ الناس على الالتزام. ويمكنك تلمّس ذلك منذ الآن لدى الشركات التي تتوسّط لإيجاد القوى العاملة على شبكة الإنترنت، على غرار «أودسك»، والتي تفكك المشاريع إلى مكوّنات صغيرة، وتنسب كل عنصر مكوّن منها إلى متعاقد لن توظفه المؤسسة يوماً. ويقضي التمويل الجماعي بأن يقوم بالعمل المطلوب أشخاص لن يُدفَع لهم أجر حتى، ناهيك عن تحوّلهم إلى موظفين. وحتى عندما يصبح أشخاص من الموظفين، ثمّة توجه بأن يستمرّ توظيفهم لفترات أقصر، وبأن يكونوا أقل ولاءً، وبألا تدوم «عقود» توظيفهم إلا لسنوات قليلة. وعند معاودة التفكير في مبدأ التوظيف، باعتباره نموذج التزام، تتسع خيارات التوظيف المثالي إلى حدّ هائل.
ولن تشكل «المؤسسة» أو «الشركة» نموذج التعاون الوحيد. وعلى سبيل المثال، تسمح شبكات المتخرجين القدامى بمعاودة توظيف عاملين سابقين بعد اكتسابهم خبرة قيّمة في مؤسسات أخرى. أو يكفي التفكير في مجتمع متطوعي ألعاب الفيديو، الذين حلّوا أحجية عن تركيبة فيروس الأيدز، بعد أن تعذر على علماء البحث والتطوير في المؤسسات حلّها. وبالتالي، قلما ينطبق مبدأ «المؤسسة» في هذه الحالة.
ونحن نصف مثالاً آخر في كتابنا، وعنوانه «الموارد البشرية التحويلية» Transformative HR، يتمثّل بهيئة الاستثمار الماليزية الحكومية «خزانة ناسيونال»، التي تقوم بأعمال وساطة هدفها الإقدام على «مبادلة» منظّمة لقادة مستقبليين بين الشركات، بهدف تطوير قادة مستقبليين متعددي الخبرات يدخلون في عداد الموارد الوطنية.