لا أحد ينكر أنّ الإعلام بأنماطه واستخداماته أصبح سلاحاً له فاعليته على كل المستويات الدولية والإقليمية والمحلية، وفي مختلف المجالات الفكرية والسياسية والدعائية والاقتصادية والاجتماعية، وتعدى ذلك إلى كل نواحي الحياة ومنها الأمنية والعسكرية. لأنّ العالم وكما يعلم الجميع الآن قرية كوكبية صغيرة، يستقبل سكانها هذا الإعلام في سلبياته وإيجابياته، ولكن كثيراً من الناس يجهلون أهدافه وأغراضه، وأخطاره التي تهدد أمن المجتمع وقيمه وأخلاقه، وقد لا يستغرب الإنسان أن يكون للإعلام المعادي دور فاعل ومؤثر في محاولة تفريق صفوف مجتمعنا، من خلال الوهم الخداعي وتحقيق فاعلية الاختراق، ولكن الأمر المستغرب أنّ هناك إعلاماً إسلامياً وعربياً وقد يكون سعودياً، يسير بقصد أو بغير قصد، جنباً إلى جنب مع الإعلام الذي يريد إلحاق الأذى بهذا الوطن وأهله، ومن هنا فإننا نهيب بأبناء الوطن أن يتحلّى كل واحد منهم، رجالاً ونساءً، بالدين والحكمة والفطنة وصدق الإيمان، وكذلك أملنا كبير في الإعلام السعودي الذي من المفترض والمأمول أن يكون الأقدر والأعمق إدراكاً لدلالاته ومتطلباته، والذي يجب أن يكون أكثر رشداً وفاعليه وخيراً لما يخدم إنسان هذه البلاد الطاهرة، وبما يخدم وحدة الصف وتوحيد الأفكار والأهداف النبيلة. إننا نعيش في مرحلة تتطور فيها الحياة البشرية، ومع هذا التطور فإننا لا نريد لقيمنا وعاداتنا أن تتهاوى. ولا نريد أن تتحوّل القنوات الفضائية التي يملكها رجال من أبناء هذا الوطن إلى التعصب والتفاخر وإثارة النعرات القبلية، ولا نريد أن تكون هذه القنوات بعيده عن التأصيل الروحي والأخلاقي. لا نريد من إعلامنا أن يتجاهل أصالة هذه الأمة ومكانة السلف الصالح.
ولا نريد على الإطلاق أن تساهم بعض الفعاليات التراثية وغيرها، في تكريس المفهوم القبلي والعودة إلى عصور الفوضى وفقدان الأمن. ولا نريد أن تتحوّل موروثاتنا وتراثنا إلى مزايدات ومهاترات ومشاحنات. ولا نريد أن يتحوّل إعلامنا وقنواتنا إلى التهريج والنّيل من مكانة الآخر ين، إننا نتعرّض بالفعل إلى غزو من أعداء يلبسون ثياب الصديق، ولهذا فإنّ إعلامنا ومساجدنا ومدارسنا وجامعاتنا ومجالسنا ومفكرينا وكلنا مطالبون بأن نقف في وجه كل من يحاول النّيل من ديننا وأخلاقنا ووحدتنا ودولتنا، ولا بد أن يكون إعلامنا سلاحاً فتاكاً فاعلاً نحارب به من يريد لنا الشر، محاولاً سلخ هذه الأمة من قيمها والابتعاد بها عن كل خير، باختصار ملّينا من كلمة (حنا الذي).