(إنسان) .. وقهر الأيتام!

قال تعالى في كتابه الكريم «فأما اليتيم فلا تقهر»، وقهر اليتيم الذي نهى عنه الله تبارك وتعالى حسب أقوال المفسرين إساءة معاملته بإذلاله ونهره وأخذ ماله بدون وجه حق، وقال مجاهد مفسراً «لا تقهر» أي لا تحقر اليتيم. وفي تلك الآية إعزاز لمكانة اليتيم بالدعوة للاهتمام به وتكريمه تعويضا له عن فقد أبويه أو أحدهما. قال قتادة كن لليتيم كالأب الرحيم أي أحب له مثل ما تحب لأبنائك.

في مجتمعنا، هناك جهود تبذل لرعاية الأيتام وكان للدولة قصب السبق في رعاية الأيتام واحتضانهم والاهتمام بهم وتربيتهم وتعليمهم منذ زمن مبكر جداً بإنشاء دور التربية الاجتماعية في كل مناطق المملكة، وأعتقد أن هناك من مازالوا يذكرون تلك المواهب الفذة التي دفعت بها تلك الدور في مجالات مختلفة وأتت انعكاسا لتلك البرامج التي كانت تقدم في المجالات الثقافية والفنية والرياضية وأفادت منها مؤسسات اجتماعية كثيرة.

العمل الخيري شمل في الوقت الحاضر رعاية الأيتام بتأسيس جمعيات وطنية للاهتمام بهم انطلاقا من توجيهات الدين الإسلامي الحنيف، وتبرز حاليا جمعية إنسان لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض، وهي جمعية حسب علمي غير ربحية يدعمها عدد كبير من محبي الخير ومن يرغبون في الأجر والثواب. اطلعت على هدف الجمعية في موقعها الإلكتروني فوجدته هدفا ساميا نبيلا شاملا يركز على رعاية أيتام منطقة الرياض ومن في حكمهم من ذوي الظروف الخاصة وتأهيلهم لكسب العيش والاعتماد على النفس ومواجهة الحياة ليكونوا أفرادا صالحين لأنفسهم ومجتمعهم.

أعتقد أن الجمعية لو طبقت هذا الهدف بحذافيره لحققت نجاحات تفوق الوصف مع هذه الفئة الغالية دون أن تقحم نفسها في الدخول في مجالات أخرى كالمناسبات الرياضية، ورمي هؤلاء الأطفال في آتون منافساتها الملتهبة، كما حدث يوم الجمعة الماضية في ملعب نادي الشعلة بالخرج، فالأيتام من جمعية إنسان وظفتهم إدارة الملعب لجلب الكرات الطائشة من أقدام اللاعبين بدلا من تكريمهم باستضافتهم في مقاعد مدرجات الدرجة الأولى ليقضوا وقتا ممتعا بمتابعة أحداث المباراة، والطفل من هؤلاء لا شك معرض لأخطار لا حصر لها، ولعل ما حدث بين أحد هؤلاء الأبناء وأحد لاعبي فريق الاتفاق خير شاهد على ما ذهبت إليه، قد تكون الأمور هذه المرة عدت على خير خاصة وأن اللاعب قد أكد أنه لم يصدر منه أي شيء تجاه الطفل، لكن ما كل مرة تسلم الجرة، لكن دعونا نتصور لو أن هذا الطفل قد وقع في براثن لاعب متوحش ففتك به وآذاه أو في أقل الأحوال كسر نفسيته بكلام جارح أو بذيء، فعلى من ستقع المسئولية حينئذ؟ وهل سيخرج علينا أيضا من سيبرر هذه الأفعال؟ وهل ستكون جمعية إنسان قد حققت أهدافها بالترفيه عن أبنائها؟

أعتقد أن البرامج التي توجه لهذه الفئة الغالية يجب أن تكون بعيدة عن مواقع الصخب والاحتقان، فمن غير المقبول أن يشغلوا في جلب الكرات للاعبين، وأخشى أن يتوسع المسئولون في إنسان ليتم توظيف الأبناء في بيع التذاكر والمرطبات وهي مهام غير مناسبة لمن هم في مثل هذه الأعمار، وإن كان لابد من ذهابهم للملاعب فمن باب أولى إكرامهم والاحتفاء بهم في أماكن لائقة.