عانينا هنا في المملكة من مزوري الشهادات العلمية حتى وصلنا إلى مرحلة استقوى فيها المزور وفرد عضلاته واعتبر ما سرقه في وضح النهار حقاً مكتسباً وكأنه يرد على من يحاوره أو يناقشه وبقوة “مزور لا تكلمني”. وتراكم يا جماعة الخير غثيتونا ولا لقيتوا إلا هالموضوع تكتبون فيه.. الأمر ببساطة أن التعامل مع هذه القضية ظل إلى اليوم غير جدي وحازم لردع لصوص الشهادات وتطبيق الأنظمة عليهم لأسباب ربما نجهلها.
يحدث هذا داخلياً من مواطنين استغلوا هذه الشهادات المضروبة لتلميع صورهم اجتماعياً دون أن يجدوا سبيلاً للوصول للجامعات بسبب الشروط القوية, لكن ماذا نفعل وقد بدأت جامعاتنا ومن سنوات في استقبال عشرات المزورين والمزورات من الخارج رغم أن الجامعات قد أرسلت لجاناً علمية تثق بقدرات أعضائها.
مكمن الخطورة هنا في الضعف الذي سيلحق بالعملية التعليمية, وما الإنتاجية المنتظرة من مزورين لا يفرقون بين الألف وكوز الذرة؟.
المقام السامي كلف هيئة الرقابة والتحقيق قبل أكثر من عام بالتحقيق في قضايا التعاقد مع أكاديميات من حملة الشهادات المزورة أمضين سنوات يسرحن ويمرحن في جامعاتنا وياغافل لك الله!. الهيئة من جهتها بادرت بفتح الملف مع وزارة التعليم العالي وطالبتها بالإفادة العاجلة!. بعد مضي فترة من الزمن وانتظار طويل جاء رد لجنة التعاقد في وزارة التعليم العالي ويا ليتنا من ردهم سالمين.
الرد العجيب والذي ورد في صحيفة الوطن الثلاثاء الماضي للأسف لا يقبله أنسان عاقل وكأنه قد جاء ليستخف بعقول الناس.. اللجنة المذكورة تنصلت من مسؤولية التعاقد مع الأكاديميات بحجة عدم قدرة اللجنة على الكشف عن المؤهلات أو مخاطبة مصادر شهادات الأكاديميات.
هذا العذر بليد وهو أقبح من ذنب التعاقد مع المزورات, ولا يمكن قبوله لا شكلاً ولا مضموناً.. بالله عليكم لجان علمية تضم حضرات الدكاترة الكرام من خيرة أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية -حسب رأي من رشحهم- لا يستطيعون التفريق بين الشهادات الصحيحة والمزورة؟.. أين خبراتهم ومؤهلاتهم وذكاءاتهم الفطرية؟.. أين دقة الملاحظة والاستنتاج والقدرة على التحليل والمقارنة؟.
هل يمكن لعاقل أن يصدق هذه التبريرات غير المتسقة مع العقل والمنطق والواقع؟ الذي أعرفه من واقع خبرة أن أول مهمة تقوم بها لجنة التعاقد بعد مقابلة المتقدم إرسال أصل شهادته إلى الجامعة مصدر الشهادة للتأكد من صحتها كأجراء احترازي, وبعض اللجان تبعث بقائمة الأسماء, وهناك لجان أخرى تطلب المصادقة على صحة الأختام أي أن هناك عشرات الطرق للتأكد من أن المتقدم أصلي أم مزور, وهنا لعلي أسأل عن دور المقابلة الشخصية وهل ما يدور فيها عبارة عن سواليف ودردشة لا علاقة لها بالجوانب العلمية؟.. أعتقد أن المقابلة الشخصية وسيلة فعالة للكشف خاصة إذا ركزت على موضوعات التخصص، أما أن كانوا يسألونهم عن عواصم البلدان ويطرحون عليهم بعض الألغاز والأحاجي فقل على تلك اللجان وأعمالها السلام.
يبدو أن أعضاء اللجان مشغولون بأمور أخرى بعيدة عن مهامهم الأساسية وكأنهم قد غادروا للتمشيات وسعة الصدر!
أتمنى أن تتوصل هيئة الرقابة بأسرع وقت للحقائق فربما يتم الكشف عن محسوبيات ومجاملات في أعمال تلك اللجان مضرة بالنهاية بأجيالنا الحالية والقادمة.