هناك من يُخضِع القصيدة لمعيار عقله ويسجنها في حدود فهمه ويربط قبولها أو رفضها بما تعوّد عليه.. إليكم مثالين اثنين فقط من أمثلة عدة يكشفان عن عمق أزمة فهم الشعر لدى بعض الناس:
حين يكتب شاعر متقدّم في السن قصيدة غزلية نبضها الشعر وإطارها العفاف والسمو يصدمه الكثيرون بعبارة: (واعيباه ) شايب وتكتب غزل!.. وحين يكتب شاعر صغير السن قصيدة في الحكمة أو النصح فيها من العمق والشعر الشيء الكثير.. يجلده الكثيرون بسياط: (يا كذوب) أنت صغير على هذا النوع من الشعر و(توّك) !.. وما بين (واعيباه وتوّك ) وغيرهما من المثبطات تُنحر المئات من المواهب وتموت الآلاف من القصائد وتذبل الكثير من الأحلام وتتوارى العديد من الأفكار الجميلة.
الكثيرون - المشار إليهم أعلاه - شرائح مختلفة من المجتمع شُحنت رؤوسهم بمفاهيم خاطئة عن الشعر وتشرّبوا مفهوم العيب من قاموس رديء لا يفرّق بين الفن والعادة والاستقامة والاعوجاج.. ولا بين من يبدع في قصيدة وبين من يمر على جاره دون أن يلقي السلام.. وتساهلهم في الثانية أكثر من الأولى وبمسافة كبيرة!.. تشرّب هؤلاء ثقافة العيب بشكل خاطئ وبنوا عليها أحكامهم الجائرة.. بعضهم لا يعرف عن الشعر سوى اسمه والأغلبية يتعاملون مع الشعر بسطحية واضحة وذهنية منغلقة!..
هذه الشريحة من المجتمع لا تملك الفهم والقدرة على سبر أغوار قصيدة عادية ناهيك عن معرفة ما يجب وما لا يجب من فنيات الشعر وأصوله وأنه عالم مختلف عمَّا في أذهانهم من مفاهيم محنطة ومحبطة لهذا الفن الأصيل والجميل والسامي.
يا كل الـ(هولاء)!.. الشعر لا يعترف بعمر والقصائد لا تأتي وفق التسلسل الزمني الذي تعرفون كما أنه يتقاطع مع قانون الفهم الذي تربيتم عليه وكبلتم أنفسكم داخله.. الشعر كائن متمرد خارج حدود الزمان والمكان والقيود الوهمية التي ألفتوها وتدافعون عنها بعناد وجهل وكبرياء مقيتة.
خطوة أخيرة:
لـ(عبدالمجيد الزهراني)
الأرض لاضاقت مساحتها عليك
وخُطاك ضاعت في متاهات الحياة
وان جفّ غيمك وأجدبت تُربة يديك
أسجد بهمّك فوق سجّادة صلاة