إن كنت تدير شركة صغيرة، ثمة احتمال بألا تكون شعرت بالحاجة إلى استثمار واسع النطاق في بيانات المستهلكين، وأن تكون اعتمدت بدلاً من ذلك على حدسك الثاقب لضمان استدامة شركتك في مواجهة شركات أكبر حجماً تُعتَبر غنيّة بالبيانات.
وما لا تدركه هو أن الاستثمار في البيانات وتعلّم كيفية استخدامها قد يسمحان بتحويل مجرى أعمالك. وفي سياق بحث أجريته بالتعاون مع غيليان أرمسترونغ من جامعة ألستر وأندرو فيارني من جامعة كنت، اكتشفنا أن الأمر لا يقتصر على استفادة الشركات الصغيرة من دقة البيانات المتعلّقة بالمستهلكين، حيث إن انكشافها على البيانات شجّع المالكين/ المدراء بمشاركة آرائهم مع الموظفين والسماح لهم بالمشاركة في التفكير التنافسي للشركات.
ولا شكّ في أن الشركات الأصغر حجماً قد تعتبر النفاذ الواسع النطاق إلى البيانات باهظ التكلفة، ما قد يتسبّب. وبالكلام عم البحث الذي أجريناه، سمح لنا تمويل حصلنا عليه من منظمة حكومية بريطانية بتخطي حاجز التكلفة، إذ سمح لنا بتوفير معلومات عن بطاقات الوفاء من شبكة متاجر السوبر ماركت العملاقة «تيسكو» مجاناً لسبع شركات في أيرلندا الشمالية. وتبيع هذه الشركات، التي يتراوح عدد موظفيها بين 7 و45، منتجات ألبان وأجبان، وخبز، وخضاراً وأصناف تحلية لشبكة «تيسكو».
وتجدر الإشارة إلى أن البيانات التي وفّرتها شركة التحليلات «دانهامبي» غطّت أموراً على غرار مرحلة الحياة التي بلغها المستهلك، وأسلوب عيشه، وتحليل لسلّة السوق، والمتاجر الأفضل من حيث الأداء على صعيد المنتجات التي تنتجها الشركات الصغيرة.
وتتطلّب تركيبة رسمية للبيانات حول بطاقات الوفاء، التي تأتي ضمن صيغة إحصائية، اعتماد الشركات لمقاربة ذات طابع رسمي أكبر وأكثر تنظيماً حيال التخطيط التسويقي – وهنا يكمن التحدي الذي تواجهه الشركات الصغيرة. وقد تم تشجيع المدراء/ المالكين على حضور ورش عمل، علماً أنّ مشارِكة منّا (هي كريستينا دونيلي) خضعت لتدريب على يد «دانهامبي» وعملت مع المالكين والمدراء مباشرةً لمساعدتهم على استنباط البيانات الأكثر أهمية وتحليل المعلومات.
وبعد أن سُمح للشركات الصغيرة النفاذ إلى بيانات بطاقات الوفاء، استفادت منها مباشرةً بمعظمها. وسرعان ما اعتمدت مقاربة ذات طابع رسمي أكبر على صعيد التخطيط التسويقي، وبات بإمكانها تصوّر ابتكارات بعيدة المدى، بدلاً من الاكتفاء بإظهار ردّ فعل على تصرّفات المنافسين وتجار التجزئة. وقال صاحب شركة صغيرة إن البيانات بدّلت أفكار الشركة حول كيفية زيادة قاعدة المستهلكين. وقال آخر: «أصبحنا نعرف الآن بالتحديد من هم المستهلكون الذين نستهدفهم».
وتهدّد حزم البيانات الضخمة بإنشاء انقسام بين الشركات الغنية بالبيانات، وتلك التي لا تملك بيانات أبداً، مع الإشارة إلى أن المؤسسات الكبرى تستفيد من تفكيك الأرقام، في حين تواصل الشركات الصغيرة تعثّرها في غياهب عالم مجهول. وكانت الشركات الصغيرة التي تعاملنا معها مدركة أنّ مكانتها لا تفيد مصلحتها بالمقارنة مع كبار المنافسين الذين تمتعوا بمكانة مالية خوّلتهم النفاذ إلى بيانات بطاقات الوفاء والموارد الضرورية لاستعمالها. وفي هذا السياق، قد تؤدي الحكومات والجامعات دوراً هاماً على صعيد سدّ الثغور، وتوفير الأموال والخبرة لتتمكن الشركات الصغيرة من النفاذ إلى البيانات ولتتعلّم كيفية تفسيرها.