الدمام - عبير الزهراني:
أكد مختصون أن الآثار السلبية التي نتجت جراء حملة تصحيح سوق العمل ستكون على المدى القصير فقط أما على المدى الطويل فالتصحيح سيأتي بالخير الوفير، وقالوا إن عملية التصحيح تمثل علاجاً ناجحاً وجذرياً لتشوهات سوق العمل.. وتوقعوا حدوث طفرة في سوق العمل على المدى البعيد.
وقال أستاذ الإدارة الإستراتيجية والتسويق بجامعة الملك سعود الدكتور محمد العوض أن انعكاسات التصحيح على الاقتصاد وخصوصاً قطاع الأعمال يمكن النظر إليها من الناحية العملية والآثار السلبية والإيجابية ومن جانب آخر وهو الناحية الزمنية وانعكاسات آنية وأخرى بعيدة المدى.
بالفعل هناك انعكاسات سلبية على قطاعات الأعمال في المدى القصير ومن ذلك إغلاق العديد من المحال التجارية في عدد من مدن ومحافظات المملكة وهي غالباً من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي يتركز نشاطها بشكل أكبر على البضائع الرخيصة الثمن والتي كان يعمل بها عمال لحسابهم الخاص أو يعملون بأجور زهيدة، إضافة إلى تباطؤ العمل في كثير من المشروعات وخاصة تلك التي تعتمد على الأيدى العاملة بشكل مكثف مثل مشروعات البناء والصيانة وما شابهها.. وفي قطاع التعليم عانت العديد من المدارس الخاصة. مبيناً أن هذه السلبيات كانت بسبب عدم توفر العمالة الكافية نتيجة تصحيح الأوضاع والذي بدوره انعكس وبشكل سلبي على قطاعات الأعمال إضافة إلى زيادة أجور العمالة حيث قدرت زيادة الأجور عقب التصحيح بنسبة تترواح بين 25 و30%.
واستدرك العوض قائلاً: هذه الانعكاسات السلبية ستكون مؤقتة في المدى القصير وسيقابلها انعكاسات إيجابية على المدى الطويل مع التأكيد أن حالة الارتباك التي يمر بها سوق المملكة وسوق العمالة الفنية تحديداً هو ارتباك متوقع ونتيجة طبيعية لقطاع اعتمد لفترة طويلة على تشغيل عمالة مخالفة اختفت بشكل سريع عند انتهاء المهلة التصحيحية.. مبيناً أن انعكاسات التصحيح الإيجابية أكثر بكثير من السلبية، وخاصة على المدى الطويل فهو قرار يتجاوز كونه إجراءً تصحيحياً، فهو قرار يصب في دعم مسيرة الاقتصاد الوطني الذي لا يمكن أن ينجح بالاعتماد على عمالة مخالفة وغير نظامية قد تختفي فجأة ودون مقدمات وتختفي معها خيرات الوطن دون حساب أو عقاب، كما أن قطاعات الاعمال لا يمكن أن تنجح على المدى الطويل وبشكل متزن ما لم تعتمد على عمالة نظامية تتعامل معها بطرق قانونية وواقعية واضحة ومستمرة لأن الأيدي العاملة في كل الأنشطة الاقتصادية هي الركن القوي الذي يُرتكز عليه. ولم يخف آماله في أن تولّد هذه القرارت أولوية طبيعية للعامل الوطني مقابل الوافد دون أي تضحية بالكفاءة والجودة ودون أرباك السوق، معتقداً أن هذا الوضع يعد أهم الانعكاسات الإيجابية طويلة المدى لهذا التصحيح وهو طريق يسير فيه الاقتصاد الوطني على الرغم من بعض المقاومات التي يجدها من أصحاب النظرات الآنية والقصيرة المدى، معتبراً بأن التوفير الحقيقي الذي يمكن أن تجنية المملكة نتيجة ترحيل العمال المخالفين هو إحلال العمالة الوطنية، فهو توفير ليس فقط لموارد الوطن المالية بل لمواردنا المهنية والفنية والفكرية، موضحاً بأن سوق المملكة كان ميدان تدريب لعدد كبير من عمالة وافدة نخسر الكثير على تأهيلهم وتدريبهم بطرق مباشرة وغير مباشرة ثم يترك بلادنا إلى غيرها لينقل تجريته وخبرته تاركاً وراءه نظاماً لا يستطيع أن يحميه أو يحمي من قام بتدريبه.
من جهته اعتبر رئيس اللجنة الصناعية بغرفة الشرقية سلمان الجشي أن التصحيح سيفيد قطاع الأعمال على المدى الطويل ويعالج مشاكل متراكمة لها أكثر من عشرين عاماً، ويضع الحلول لها وفي نفس الوقت هي فرصة للشباب بأن يضعوا أقدامهم بالسوق ويمارسوا العمل من دون منافسة من المخالفين الذين كانوا يتواجدون بطريقة غير نظامية وشكلوا منافساً قوياً للعمالة الوطنية والشباب.
ونوه الجشي بالقرارات الأخيرة والآليات الجديدة التي طبقتها وزارة العمل خصوصاً موضوع الأجور الذي ابتدأ برنامجه بالشركات الكبيرة نزولاً للشركات الصغيرة والذي تضمّن أن تتحول الأجور عن طريق البنك ويكون هناك ربط بين الراتب والموظف ستساعد على التأكد من عملية التشتت.. ولفت إلى أن في نظام نطاقات وصل عدد الفرص التي فتحتها للشباب السعودي إلى أكثر من 260 ألف فرصة، وهذا يعطينا صورة واضحة أن أنظمة الوزارة تساعد على زيادة فرص العمل.
وأكد الجشي أن عملية التصحيح ساهمت بشكل كبير في خفض نسبة الاقتصاد الخفي وسيكون لها أثر إيجابي على الاقتصاد المحلي ولكن ستواجه ارتفاع في الأسعار، مشيراً إلى أن ذلك وضع طبيعي لأن تكلفة المخالفين أرخص بكثير من النظامين؛ لأن العامل المخالف ليس لديه ضريبة يدفعها وليس لديه محل يستأجره ولارسوم يدفعها ولا يحتاج إلى استئجار محل ولا ترخيص بلدية ولا سجل تجاري وبالتالي تكلفته تكون أقل من الشاب الذي يمارس العمل بنظام.
وكشف الجشي عن استغلال العمالة النظامية لعملية التصحيح، حيث نتج عنها نشوء سوق سوداء من قبل العمالة النظاميين الذين استغلوا هذا الأمر برفع أسعارهم ومساومة أصحاب العمل على رفع الأجور.