وأخيراً اعترفت (القاعدة) من خلال تسجيل مرئي بأن من اقترف جريمة (مستشفى صنعاء) هم منسوبوها وليس غيرهم. وكان مجموعة ممن كانوا يتّبعون أجندات ما يُسمى (العمل الإسلامي) من إخونجيتنا ويرقاتهم السرورية قد حاولوا خلط الأوراق كما هي عادتهم، واتهموا المخابرات اليمنية بأنها هي من فبرك (المؤامرة) وبثّ الشريط بغرض الإساءة (للجهاد) المبارك كما يزعمون. الآن اتضحت الصورة، وانكشف هؤلاء الأشرار بالأدلة والبراهين التي لا يتجاوزها إلا مغفل ساذج، أو (مسيّس) لا يهمه الدين ولا دماء المسلمين ولا سمعة الإسلام بقدر ما يهمه أن يمتطي مفاهيم الدين لتحقيق غايات محض سياسية وحزبية.
وأنا هنا لا يهمني (المؤدلجين) فأغلب هؤلاء موبوءون بمرض لا يُرجى برؤه، لن يتركوا (رياءهم) وتدليسهم ومحاولاتهم القذرة والمنحطة لامتطاء مفاهيم الإسلام واستغلال العواطف الدينية في حشد الأنصار خلفهم لغايات محض دنيوية، ولكن يهمني أولئك البسطاء السذج الذين يمشون خلفهم كالكباش، فيُصدّقونهم ويصفقون لهم ويرددون مقولاتهم واتهاماتهم لعباد الله وكأنهم (الصدى).. لهؤلاء أقول: ليس ثمة بعد اليوم أقوى مما بين أيديكم من براهين، فقد أتى الاعتراف واضحاً على لسان ممثل القاعدة، والاعتراف أقوى أدلة الإثبات، ورأيتم كيف كان بعض إخونجيتنا يكذبون ويُزورون ويُلبِّسون كل ذلك لخلط الأوراق وتبرئة القاعدة من الجريمة. إن هؤلاء الذين يُظهرون التدين والحرص على الإسلام ويصرون على التمظهر بمظاهره الخارجية، يَلبسون لباس الصدق والصديق، ويُظهرون التسامح، وهم يتحيّنون الفرص لطعنك في الخلف؛ يخفون نواياهم الدنيئة بالحرص على الدين، فإذا حانت الفرصة وتمكنوا قلبوا لك ظهر المجن، وأبدوا ما كانوا يخفونه من أجندات سرية. هؤلاء والقاعدة - أيها السادة - يخدمون في نهاية المطاف الهدف ذاته؛ يكفي أن تعرف أن ابن لادن كما يقول أيمن الظواهري في سلسلة أشرطة سمّاها (أيام مع الإمام) كان إخوانياً قَدِمَ إلى العمل المسيس من تحت عباءة الإخوان، وتشرّبَ مبادئهم، أي أن من نفوا مسؤولية القاعدة وألصقوها بالمخابرات اليمنية ومن أثبتوا فيما بعد واعترفوا بالجريمة جميعهم ينتمون إلى ذات الجذع الذي يتفرع منه الفرعان: القاعدة والإخوان. أما خدعة فريق التسامح وفريق التشدد فلا تعدو أن تكون مجرد توزيع أدوار ليس إلا.
والمقرف والمثير للاشمئزاز أن ممثل القاعدة عندما اعترف بمسؤوليتهم عن هذه الجريمة النكراء البشعة اعتذر عنها بدم بارد، ثم وببجاحة منقطعة النظير أبدى استعدادهم لدفع ديات من قتلوا في محاولة لامتصاص الغضب وتهدئة النفوس بعدما اكتشفوا بعد التنفيذ أن (كاميرات) المستشفى قد فضحتهم وأظهرت للناس وبالصور بشاعتهم وهمجيتهم ووحشيتهم واستخفافهم بدماء الناس إلى درجة لم يعرف التاريخ لها مثيلاً. وليس لديَّ أدنى شك أن الأثر المجلجل للشريط المرئي الذي بثه التلفون اليمني من كاميرات المستشفى هو ما اضطرهم إلى تطويق الجريمة والاعتراف بأن العملية كانت خطأ غير مقصود، ولاسيما أن المجرمين، من فجر نفسه ومن رصدتهم الكاميرات، هم من أعضاء القاعدة قطعاً، معروفون بأسمائهم، وليس ثمة وسيلة (للتلاعب) على أدلة الإثبات، فاضطروا مرغمين إلى استباق نتائج التحقيق والإقرار بمسؤوليتهم عن هذه الجريمة الحقيرة.
بقي أن أقول: إن تبعات هذه الجريمة ومحاولة إخفائها بخلط الأوراق لا يتحملها فقط من حاولوا (تزوير المسؤولية) وقذفوا بها على الآخرين، وإنما يتحملها معهم من سكتوا عن التنديد بالجريمة، وكأن لسان حالهم يقول: (لم آمر بها ولم تسؤني).. سكوت هؤلاء عن هذه الجريمة البشعة يشير بوضوح إلى أنهم متصالحون مع هذه الوحشية؛ لأنها تصب في مصلحتهم السياسية، وأن مواقفهم ليست مواقف مُسلم يهمه رضا الله جل وعلا في كل ما يقول أو يفعل، وإنما منطلقها دائماً ما يتماهى مع مصلحة التنظيم السياسية العليا، حتى وإن كان الضحايا مرضى وأطفالاً وأطباء وممرضات لا ناقة لهم ولا جمل في القضية برمتها.
وهذا يكفي لمن يريد أن يعرف هؤلاء المتسترين خلف مظاهر التدين على حقيقتهم من رموز هذه (الصحوة) غير المباركة.
إلى اللقاء.