تصاعدت أعمال العنف في العديد من محافظات اليمن الجنوبية خلال اليومين الماضيين ، وبشكل بات معه الشارع اليمني في كل مناطق البلاد يعيش حالة من القلق والتوجس إزاء ما يمكن أن تحمله الأيام القادمة من تطورات في وقت ينتظر الجميع الإعلان رسمياً عن انتهاء مؤتمر الحوار الوطني.
وفيما شهدت مختلف مناطق الجنوب أحداث دامية وأعمال عنف طالت العديد من المنشآت والمباني الحكومية ، فإن عدوى تلك الإحداث لم تستثني بعض المحافظات الشمالية من اليمن في وقت قدّم مساعد أمين عام الأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن السيد ، جمال بن عمر، مقترحاً لشكل الدولة اليمنية الجديدة من حيث عدد الأقاليم وحدودها.
ونزحت أعداد كبيرة من الأسر تنتمي للمحافظات الشمالية من محافظات الجنوب خوفاً من أعمال العنف التي تطل أبناء «الشمال». وأصيب أربعة أشخاص في اشتباكات مع قوات الأمن في محافظة الضالع أثناء محاولة مجاميع مسلحة من الحراك الجنوبي رفع الأعلام الشطرية على مبنى فرع البنك المركزي اليمني.
كما اندلعت اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن ومتظاهرين يحملون أسلحة رشاشة وسط مدينة «عتق» عاصمة محافظة «شبوة» -جنوب شرق اليمن- ، عندما حاول المسلحون الاستيلاء على أطقم عسكرية وأمنية .
وقال مصدر أمني في محافظة «شبوة»: إن الأجهزة الأمنية أحبطت ظهر يوم السبت محاولة لعناصر خارجة عن النظام والقانون من الحراك الجنوبي المسلح للاستيلاء على مبنى فرع الهيئة العامة للاتصالات بالمحافظة، إلى جانب تمكنها من استعادة إحدى الأطقم الأمنية والقبض على ثلاثة من العناصر التخريبية المسلحة المتورطة في مهاجمة إحدى النقاط الأمنية ومبنى أدارة المباحث الجنائية بمدينة عتق - عاصمة المحافظة.
وفي غضون ذلك قُتل شيخ قبلي واحد مرافقيه بانفجار عبوة ناسفة بسيارته في محافظة البيضاء - جنوب شرق اليمن.
وفي تلك الأثناء أقرت الهيئة التنسيقية لما سُمي بـ«الهبة الشعبية» لتحالف قبائل «حضرموت» في أعقاب ، مقتل زعيم قبيلة « الحموم » كبرى قبائل محافظة حضرموت الشيخ سعد بن حبريش واثنين من مرافقيه في اشتباكات مع جنود في إحدى نقاط التفتيش الأمنية ، الإضراب عن العمل في المؤسسات والدوائر الرسمية يومي الأحد والاثنين 22 - 23 ديسمبر ، باستثناء المرافق الخدمية المرتبطة بمصالح المواطنين، مع استمرار تسيير المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية صباحاً ومساءً.
وحذرت الهيئة التنسيقية في بلاغ صحفي، المشاركين من الانصياع إلى أي دعوات خارج ما أقرته، مُحملة أي طرف يعمل على إسقاط أو استلام أي مركز أو مرفق خارج إطارها، المسئولية الكاملة عن ما يترتب من نتائج.
ودعت أبناء حضرموت العاملين في المؤسسات الرسمية، إلى تبني أهداف ما سُمي بـ«الهبة الشعبية» والامتناع عن أداء أي مهمة تتنافى أو تتعارض مع أهدافها، وتلحق الأذى المادي أو النفسي بالجماهير.
من جانبها عبرت اللجنة الأمنية العليا في اليمن ، عن أسفها لأسلوب التهويل والتضخيم الذي اتبعته بعض وسائل الإعلام المحلية في التعاطي مع تلك الأحداث .
وقال مصدر مسئول في اللجنة وفقا لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ»: إن ما تم الترويج له عبر تلك الوسائل من سقوط عدد من النقاط والوحدات الأمنية والعسكرية لا أساس له من الصحة، مشيرا إلى أن تلك الوسائل قد تعاملت مع ما تشهده بعض المحافظات الجنوبية والشرقية بقدر من عدم المسؤولية وبأسلوب يثير الفتنة والحقد والكراهية في أوساط أبناء الوطن الواحد .
منجهة أكد رئيس اللجنة الإعلامية لـ«الهبة الحضرمية» سعود سعد الشنيني أن المشاركين في الأحداث التي شهدتها محافظة حضرموت جنوب اليمن «لم يقتحموا مراكز شرطة أو يسقطوها أو يسيطروا عليها». وقال الشنيني لصحيفة «السياسة» الكويتية في عددها الصادر أمس الأحد: إن «هناك مواقع أمنية في مدينة سيئون ومركز شرطة مديرية المكلا سلمت لهم»، نافيا أن يكون هدفهم من الهبة السيطرة على حضرموت أو حكهما أو انفصالها عن اليمن. وأكد أنه: «من حقنا أن نسيطر على أرضنا ونفطنا بسبب الجرائم التي ترتكب ضدنا والنهب والاستبداد»، موضحا «نريد الوصول إلى هذا في إطار دولة وليس في إطار انفلات أمني ولا دولة ومن حقنا أن نحكم أمننا ونحافظ على أمن البلد كاملا، لأن الجرائم ترتكب كل يوم بحق أبناء حضرموت، وعندما ثار الناس، فسر ذلك بأنه انفصال مع أنها قضايا كبيرة نحن لازلنا في إطار دولة واحدة ولكن السلطة غير موجودة في حضرموت». وبشأن دور الرئيس الأسبق علي سالم البيض وعناصره من «الحراك الجنوبي» في الهبة، قال الشنيني إن « أصحاب الحراك أقحموا أنفسهم في الهبة الشعبية ونحن نرفض ذلك جملة وتفصيلا، لأن الهبة باسم تحالف قبائل حضرموت وأولئك يريدون السيطرة على الأمور وجرها إلى طرق أخرى نحن نرفضها وسنصدر بيانا بذلك».