كلُّ خانة فارغة..، لا تبقى خالية البتة..!!
فإن هي مكان، عبأها الصوت، و الصدى، و زادُ الهواء من الغبار، والخشاش، وأيّ مُهمَّشٍ جافٍ..، والكِسَر المُهمَلة، ..
ففراغات الأماكن هو ذا غذاؤها، وساكنوها..!!
والخانات الفارغة أيضا تكون في الإنسان..، وهي أشد، وأنكى..!!
فالعقلُ الفارغ فيه، تستعمر خاناته الضلالة، وتغط فيه الجهالة..، ويتمدد فيه الجمود... ويخيم فيه الظلام..!
والقلب الفارغ فيه، يحتله الهوى، وتملأ أركانه النزعات، وتلوج في حجراته الأهواء.. وتعبئه الأقفال..!
واللسان الفارغ فيه، تملأ مخارجه الأخطاء، وتهيمن عليه اللكنات، وترتكز فيه العامية، وتتلوى بعضلاته الهشاشة ، والسطحية، والضعف..
إن الفراغات في أي خانة مكائد لكل جاد، وأصيل، وجميل، وواعٍ، وقوي، ونقي، ..
أي هي مدافن للجدية، والأصالة، والجمال..، والإدراك، والقوة..، والنقاء..
وهي بذلك الكمائن التي تحيك حبالها حول أعناق النظافة، والعلم، والمعرفة، والانتماء، واليقين، والتقوى، واللغة الأم..، والإحساسُ الواعي بإدراكٍ لكلّ ما يهيئ المرءَ، ويمكنه من ملء فراغاته ليبلغ الفلاحَ، وقدرة الإنتاج، وفرص التفاعل الحيوي في الحياة، وتحقيق الرقي فيها، والسمو بها..!!
فكيف إن غلبته بمكائدها..،؟!
وأسقطته في كمائنها..،؟!
وأخذته لمدافنها، هذه الخانات الفارغة فيه..؟!!