يجمع الناسَ الحزنُ، والمرضُ، والفرحُ..
ولغاياتهم مشارب، وألوان..
وكثيرا ما يكون اجتماع الفرح عصياً على التصنيف..، مُحيرا في إنزاله خانات التأويل..!
غير أن من يجتمعون عند الحاجة بلا حاجات..، وعند المصائب بلا فزعات..،
الذين تدفعهم قلوب صافية..، وتسيرهم عزائم نخوة صادقة..، وهم لا يتلفتون ليروا من يراهم..،
ولا يتدافعون ليثبتوا وجودهم..،
ولا يُسمعون القاصي.. ،والداني صوتَ حضورهم..، أولئك هم العضد، والرفقة، والسند،..
هم شموع دروب الحياة في نهارها، وليلها..!...
إذ في الحياة كُربٌ لا تهون بغير لمساتهم..، وأحزان لا تتلاشى إلا بوجودهم،..
وأفراح لا تبلغ مداها بدونهم..
هذه هي العلاقة الخالية من المصالح،..
النقية من الأغراض،..
المتبادَلةُ منفعةَ الطبيعةِ البشرية في شؤون الرحمة..، والتواد..، والتبادل..،والتعاون..، والتكافل..، ووحدة الأعضاء..
هذه العلاقة ربما كانت أشد تماسكا فيما قبل..
وقد لحقها الكثير الذي أوهنها كلما كبرت الدنيا في النفوس..
بهتت بين الناس،..
انزوى فتيلها..، اختفى ثقابها..، ارتفع عن الأعين مصباحها،..
وضاع مفتاح بابها..
أو اختفى..!! لماذا..؟ حتى أصبحت القلة من أولئك القلة حين تظهرها المواقف، وتجلِّي عن وجودها، تكون كالفاكهة النادرة في موسم ليس من نواميس الإثمار أن تكون فيه..
حين تكون..!! المحكات وحدها التي تقول الكثير عما فقده الإنسان من قيم الترابط ،وأدوار التآخي، في مواقف الحزن، والفقد، والمرض..
والحاجة...، المحكات وحدها تكشف عن أوهام تغلِّفها بزيْفها...، أو حقيقة تجليها بصدقها......!!