نشرت صحيفة نيويورك تايمز، مقالاً لسمو الأمير محمد ابن نواف بن عبد العزيز، سفير المملكة في بريطانيا.
المقال نُشر يوم الثلاثاء الماضي في صفحات الرأي الأكثر مقروئية في الصحف الأمريكية، ومن ذلك اليوم وهو تحت أنظار المحللين والمراقبين والباحثين في مراكز الأبحاث الإستراتيجية والسياسية، ليس في الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل كان مثار اهتمام نظرائها في الدول الغربية والعربية والأوروبية على حد سواء، ليس لأن ما جاء في المقال موقف جديد للدبلوماسية السعودية، بل هو تأكيد وتوضيح لسلسة المواقف السعودية التي تُعد تطويراً ومواكبة للمتغيرات الدولية التي يشهدها العالم، وكما أوضحنا في مقالة الأمس التي كُتبت قبل قراءتي لمقالة سمو الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز، فإن المنطقة العربية متجهة إلى إعادة ترتيب التحالفات الدولية والإقليمية تعاملاً منطقياً وضرورياً مع ما تشهده من متغيرات، تحصيناً لدول المنطقة ومكتسباتها التنموية، بل وحتى حفاظاً على هويتها العربية الإسلامية.
والأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز تكلم عن نقطة هامة، وهامة جداً إذ إن سلوك الإدارة الأمريكية والغرب عموماً الذي نجد تلهفاً وتسابقاً من دوله على حزم حقائبهم والذهاب إلى طهران، إنما يدعمون نظاماً هو وحليفه - نظام بشار الأسد - يُهددان السلام العالمي، إذ تُؤكد كل أفعالهما وتاريخهما سعيهما الدائم إلى إثارة المشاكل والحروب والتدخل في الشؤون الداخلية لجميع الدول وليس الدول المجاورة، فكل العمليات الإرهابية بما فيها التي حصلت في أمريكا ودول أمريكا الجنوبية وأوروبا، لإيران دور أساس سواء من خلال التوجه والتخطيط والتنفيذ، إضافة إلى تمويل وتدريب وإرسال العناصر الإرهابية، ودعم مثل هذين النظامين وإعادة العلاقات معهما، بل وعقد الصفقات الحربية معهما.. وبهذا تكون الإدارة الأمريكية والدول الغربية تسمح لأحد النظامين أن يستمر، وهو نظام بشار الأسد، وللآخر أن يُواصل برامجه لتخصيب اليورانيوم مع كل ما يتضمنه من مخاطر عسكرية وبيئية.
أكثر من ذلك أن الغرب عموماً، وبالذات أمريكا يقدمون التنازلات ويمنحون إيران في ظل نظام إرهابي توسعي دوراً ليس من حق الغرب أن يعطيه لأي نظام في المنطقة ليتسلَّط على شعوبها، فأبناء المنطقة - شعوباً ودولاً وقيادات - هم وحدهم الذين يرسمون إستراتيجياتهم وسياساتهم، ولا يحق لأمريكا والغرب عموماً أن يمنح دوراً إقليمياً متميزاً سواء لإيران أو تركيا على حساب العرب الذين لهم دولهم وقوتهم الذاتية، وإن كان هناك في السابق اعتمادٌ، أو لنقل اعتماداً أو اتكالاً على الغرب أو غيرهم في توفير الحماية وبخاصة لممرات الطاقة التي كانت ولا تزال عنصراً أساسياً في تعزيز الأمن القومي للغرب وحلفائهم في آسيا، فإن الدول العربية وبالذات المملكة العربية السعودية واعية جداً من تراجع الالتزام الأمريكي والغربي، وأنه ومنذ وقت ليس بالقصير تعتمد على قواها الذاتية والاعتماد على أبنائها في الدفاع عن هويتها العربية الإسلامية ومكتسباتها، وأن يكون قرارها مستقلاً تماماً وهو ما وضح في العديد من القرارات، ومنها قرار الاعتذار عن تسلُّم مقعد مجلس الأمن الدولي، ودعم الثورة السورية، بعيداً عن أجندات الغرب وغيرها من الكتل الدولية الأخرى التي لا تنظر إلا لمصلحتها والتي دائماً ما تكون مغايرة للمصالح العربية والإسلامية.