حسن نصر الله، بحسب دراسة صدرت عن المركز الملكي للبحوث والدراسات الإسلامية بالأردن 2009 عُدَّ من بين أكثر خمسين شخصية تأثيرًا في العالم الإسلامي، كما وصف بأنه له كاريزما وشخصية قويتان، فخطبه الحماسية والواثقة أثَّرت في الكثيرين على مستوى العالم العربي والإسلامي، وقدَّم نفسه بدور الزعامة في مواجهة إسرائيل، ويذهب البعض إلى أبعد حينما يعتبرونه رمزاً بما يُعرف بمقاومة الاحتلال وقوى الاستعمار في العصر الحديث.
وكما كان ابن لادن، فقد تمتع نصر الله بشعبية كبيرة خارج لبنان، خصوصاً في إيران وسوريا وفلسطين والمغرب العربي والبحرين والعراق وفي بعض الجيوب الخليجية.
في عام 1982 وقع الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وبوقوعه حصلت أزمة في صفوف أمل بين تيارين، تيار يقوده نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني وكان يطالب بالانضمام إلى “جبهة الإنقاذ الوطني”، وتيار آخر أصولي متديّن معارض كان نصر الله والموسوي أحد أعضائه، انشق التيار المتديّن عن تيار نبيه بري.
هناك كانت البداية الأولى لظهور حزب الله اللبناني، حيث بدأ هؤلاء الشباب بالاتصال برفقائهم الحركيين في مختلف المناطق اللبنانية بهدف تحريضهم للانضمام إلى الحزب الجديد.
عند ولادة حزب الله لم يكن نصر الله عضواً، في القيادة فهو لم يكن حينها قد تجاوز الـ22 عاماً، وكانت مسؤولياته تنحصر بتعبئة المقاومين وإنشاء الخلايا العسكرية. بعد فترة تسلّم منصب نائب مسؤول منطقة بيروت، ثم تولى مسؤولية منطقة بيروت، ثم استُحدث بعد ذلك منصب المسؤول التنفيذي العام المكلّف بتطبيق قرارات “مجلس الشورى”.
لكنه غادر بيروت إلى إيران، إلا أن تطورات على الساحة اللبنانية اضطرته للعودة مجدداً.. وبعودته لم يكن لنصر الله مسؤولية محددة، فمنصبه كمسؤول تنفيذي عام كان قد شُغل.
في عام 1992 اُغتيل أمين عام حزب الله عباس الموسوي فتم الاتجاه إلى انتخابه أمينًا عامًا للحزب، وبعد أشهر قليلة اختار الحزب الدخول إلى قلب المعترك السياسي اللبناني.
من حينها، نصر الله هو الرقم في الحزب المدعوم إيرانياً مادياً وعسكرياً، ورغم بعض النجاح الذي حققته مكينته الخطابية والإعلامية في حصد كل سجل المقاومة العربية - اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، إلا أن حرب صيف 2006 التي دمرت لبنان وسببت خسائر فادحة بعد أن ورّط لبنان!
ومع تكشُّف الخسائر بدأت انكشافات نصر الله وتورطه في مواجهات داخلية وتحديه لمؤسسات الدولة، وتجاوزها وإرباكها أمنياً وإدارياً واقتصادياً، حيث بدأ الحزب ليس مكوناً لبنانياً خالصاً، وإنما إيرانيٌ مكتملٌ!
خلال زيارة الرئيس الإيراني السابق - نجاد (السند العظيم للمقاومين والمجاهدين والمظلومين) قبل ثلاث سنوات، كما وصفه، قال: “نشمّ بك يا سيادة الرئيس رائحة الإمام الخميني المقدّس، ونتلمس فيك أنفاس قائدنا الخامنئي الحكيم، ونرى في وجهك وجوه كلّ الإيرانيين الشرفاء من أبناء شعبك العظيم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه في كلّ الساحات، ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا”.. قال نصر الله.
وبعد الكشف النهائي للوجه والوجهة علانية، جاءت الثورة السورية الشعبية التي أسقطت آخر أوراق التوت عن المقاومة - المزعومة -، حيث الهدف الشعب السوري الذي تقتله اليوم ميلشيات حزب الله والحرس الثوري الإيراني بلا رحمة.
“إنّ وجود مقاتلينا ومجاهدينا على الأرض السورية، هو بهدف الدفاع عن لبنان والدفاع عن فلسطين وعن القضية الفلسطينية…”، يقول نصر الله وجنوده وأتباعه يخوضون أول حرب إسلامية “طائفية مقدسة” علنية في العصر الحديث، ساهم في تحريكها وتركيبها وتوظيفها وتذكيتها، وهو الآن السبب الرئيس والمجنّد الأول للجماعات المسلحة السنيّة على الطرف الآخر!
في كل سوريا، القصير وحلب وسبينة وبيت سحم والسيدة زينب.. المعارك مستمرة.. والشتاء قارص.. والنازحون يقصفون، والبيوت تُدمر والأطفال يتجمدون.
وكما دخل “الشيخ” الهالك ابن لادن - بنفس المواصفات السابقة - التاريخ كقائد إرهابي تسبب في قتل عدد من المسلمين يفوق عدد من قتل من “الكفار” وفق أدبياتهم، سيدخل “السيد” القاتل حسن نصر الله التاريخ كرمز للحرب الطائفية المذهبية في العالم الإسلامي في العصر الحديث التي تبيد أعداداً لن تُحصى بسهولة.