يقول الملاكم الشهير مايك تايسون لا يوجد ملاكم يدخل حلبة الملاكمة إلاّ ولديه خطة إستراتيجية مسبقة لكسب المباراة، ولكن بمجرّد أن يتلقّى هذا الملاكم أول لكمة على وجهه تتبخّر كل خطته الإستراتيجية ... (انتهى). إنّ أكثر ما يلفت النظر في خططنا الإستراتيجية هو التحليق والتنمُّق اللغوي الذي تصاغ به تلك الخطط.
نحن أُمّة على الورق لا يوجد من ينافسنا، ولكن لو تأمّلت في واقعنا المعاش لاكتشفت الفجوة الهائلة بين (عالم الورق) و (عالم الواقع). فمثلاً، من يقرأ نظامنا المروري يعتقد أنّ وضعنا المروري يسرّ الناظرين، ولكن لو خرج إلى شوارعنا لظنّ أنّ قائدي السيارات تحوّلوا إلى وحوش تبحث عن فريسة تنقض عليها، خذ مثالاً آخر : الفجوة الكبيرة بين مضمون مناهجنا الدينية وسلوك طلابنا.
يذكر الكاتب التربوي (فولان) أنّ 70% من الخطط الإستراتيجية تفشل غالباً في تحقيق أهدافها .. (انتهى)، لكن دعونا نسأل: لماذا تفشل كثير من خططنا الإستراتيجية؟ أظنّ - والله أعلم - أنّ سبب فشل كثير من خططنا التعليمية يعود إلى ما يلي: 1- عدم واقعية الخطط، وتجاهلها لتعقيدات ومتغيّرات الواقع الفعلي الذي ستنفّذ فيه، 2- نحن للأسف نضع غالباً خططاً طويلة المدى، تصل مددها إلى خمس أو عشر سنوات، 3- نحن أحياناً نستخدم الخطط الإستراتيجية لغرض الفشخرة والتباهي الإعلامي، 4- نحن نفتقد إلى القيادات المحترفة المتمكّنة التي تستطيع ترجمة وتحويل رؤى وتنظير الخطط الإستراتيجية إلى واقع مشاهد على الأرض.