في كلِّ خطاب يخرج به أمين حزب الله حسن نصر الله، ألاحظ ارتفاع نبرة صوته أكثر فأكثر، وهذا مردّه إلى التطمينات الأمريكية التي وجدها ورفيقه بشار الأسد من قِبل الإدارة الأمريكية، التي أثبتت مُمثلة بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، أنها لن تقف في وجه جرائم النظام السوري، هذا إنْ لم تكن داعمة له كما تفعل مع ميليشيات الإخوان المسلمين في مصر!
خطاب الأمين العام لحزب الله ليلة عاشوراء، والتي يُفترض أنها مناسبة دينية شيعية، خرج فيها بشكله السياسي في خطبته، وهذا دليل أردت إيضاحه على أنّ (الإسلام السياسي) لا يختص بجانب السنّة فقط، إنما هو أيضًا في الجانب الشيعي، وكلا الفريقان يعملان على دغدغة المشاعر الدينية للناس وتمرير أجندات سياسية من خلالها، لنخرج بوضوح في معنى (تُجار الدين)، حيث يتجسّد هذا في نصر الله وأسلوبه واستخدامه للأحداث الدينية والسياسية، ليرفع صوته أكثر وأكثر متحدّيًا العالم في قتل الشعب السوري، الذي باتت أخبار موته ودمائه أمرًا عاديًا في مجتمعات استمرأ سمعها وبصرها على هذه المشاهد، التي يشترك فيها نظام الأسد وحزب الله والقاعدة تحت لواء إيران في قتل سوريا والسوريين.
أما تأكيد نصر الله في خطابه “العاشورائي” على بقاء قواته في سوريا، فهو يتحدث بثقة بالغة، فبرغم أنّ دخول ميليشياته إلى سوريا عمل مُحرّم دوليًا، إلاّ أنّ سكوت المجتمع الدولي على هذه المهزلة، وتطمينات الرئيس الأمريكي لهذه الميليشيات بعدم ورود فكرة أي تدخل دولي لإيقافها، هو ما جعل الثقة تتعزّز في كل خطاب لنصر الله أكثر من سابقه.
إنّ نصر الله وبقية جوقة الخطاب الطائفي الشيعي أو السنيّ، هم مجرّد أدوات لإثارة النعرة الطائفية، لتأجيج النار في شِعاب العروبة وتدمير هذه الأوطان المتوائمة والمتعايشة بكل مكوّناتها، فلو لاحظنا خطاب المتاجرة بالدين (الشيعي) نجده يمضي على غِرار طائفي مقيت، ومثله خطاب المتاجرة بالدين (السنّي) فكلاهما يستهدف عقائد بعضهما البعض لإشعال النار، وليس بالتركيز على الخلاف والمشكل السياسي، وهنا يظهر استخدام الدين في كلِّ هذه المحافل الدامية لكلِّ فريق.
حسن نصر الله مطمئن للغاية، وكلامه وشعاراته المزيّفة التي يتمسّح بها بالقضية الفلسطينية والعروبة، لا تتفق مطلقًا عروبته مع تكاتفه الإيراني، وعمله تحت إمرة القائد الروسي في معركة سوريا، هذا عدا كونه ينسف وطنه لبنان الذي تغنى كثيرًا باسمه، ولا يعرف منه سوى هذا الاسم، فلا يهمه تكوين حكومة، ولا يعنيه أن تظل لبـنان تدفع ثمن هذه التوتُّرات وتبقى بلا حكومة!
محزنٌ هذا الوضع، والمحزن أكثر هذا التخاذل الدولي والإنساني والأخلاقي، وترك إيران ترتع قتلاً وتدميرًا في سوريا، ويأتي أحد جنودها “نصر الله” يستخدم الخطاب الاستفزازي في تحدٍّ يترجم واقع أرض المعركة تحت لواء الطائفية، ولهذا ولأجل التوازن تم غرس جناح طائفي آخر هو ما يسمّى (داعش) دولة العراق والشام، ويذهب الشباب والشعب السوري ضحايا طائفية صُنّاع الجريمة!