يحرص بعض المسئولين على أن يكونوا وجهاء في الخير، وأن يقدموا أعمالاً تُحسب لهم ثواباً وأجراً في اليوم الآخر، وكان معالي وزير التجارة أحد هؤلاء الذين يبحثون عن فعل الخير في قراراتهم، وقد كانت أول قرارته حفظه الله بعد تعيينه أن حث معاليه موظفيه على أن الصلاة ستكون جماعة بمسجد الوزارة، واختار أن يوصل رسالته لموظفيه عبر نصيحة بـ”ميكرفون المسجد” عقب صلاة الظهر بمسجد الوزارة عبر “مايكرفون الإمام” وقال: أدعو الجميع للتعاون والأمانة والاخلاص في العمل، فكلنا مسؤولون عن ذلك أمام الله أولاً، وأضاف: أتمنى أن يجد منكم المراجعون كل التعاون والتواضع والبشاشة، فأنتم محاسبون أمام الله.
كان آخر تلك الخطوات الخيرة التي ستحسب بإذن الله في موازين حسناته، أن وجه معاليه بمنع المطاعم والفنادق والوحدات السكنية من استخدام مسميات تدل على أسماء الخمور بجميع أنواعها في الأغذية لمخالفتها للشريعة الإسلامية مثل (سعودي شامبين ونبيذ)، ويأتي ذلك بعد أن لاحظت الوزارة وجود مثل هذه العبارات في قوائم الطعام لبعض المطاعم والفنادق والوحدات السكنية، وقامت بالتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والهيئة العامة للسياحة والآثار لتفعيل قرار المنع، وكان لمنع استعمال مثل هذه المصطلحات صدى عند أهل الخير، و قد لا يختلف اثنان أن معاليه أصبح من وجوه الخير في المجتمع.
ولكن مع ذلك ما زلنا نطمع في أن يكمل معالي الوزير وجوه الخير التي عُرفت عنه بإصدار قرارات وقوانين تمنع احتكار الوكالات التجارية، وحسب المصادر المعلنة يحتكر حوالي ثلاثين تاجراً نحو 45% من السلع الرئيسة في السوق السعودية، وإن هناك من التجار من لديه عدداً من الوكالات الحصرية!، وإذا صحت مثل هذه الأرقام فإن ذلك يدخل في حجم الكارثة التجارية بكل ما تعنيها الكلمة، ومما لا شك فيه أنه بإصداره لمثل هذه القوانين سيكمل وجوه الخير التي بدأها بالقرارات أعلاه، وسيصل إلى مكانة عالية جداً عند أهل الخير والمواطنين والمتضررين من سياسات الاحتكار التجارية.
لن يحتاج الأمر إلى دراسة مطولة، والسبب أن المملكة عضو في المنظمة العالمية للتجارة، والتي تنص اتفاقياتها على منع الاحتكار الحصري للوكالات والبضائع، وكل ما في الأمر أن يفعل معاليه قرارات الاتفاقية التجارية العالمية، ويطبقها في السوق المحلية، والجدير بالذكر أن الكثير لا يزال ينتظر أن يصدر مثل هذا القرار المصيري، ولكن لأسباب يجهلونها لم ير قانون منع الاحتكار الحصري النور بعد، وتعود حالة الانتظار بسبب التضخم المتسارع في الأسعار، والتي تضاعفت كثيراً في ظل عدم حدوث تغيير في دخل الفرد، وتضاعفت معها آلام وحاجات المواطن، وسيؤدي منع احتكار البضائع والتطبيق الفعلي للمنع على أسعار السلع في السوق على حياة المواطنين المعيشية، وربما يخفف كثيراً من التضخم.
من المؤكد أن أداء الصلاة جماعة في مسجد الوزارة من الأفعال الخيرة والنبيلة، كذلك جاء منع استعمال مصطلحات غربية لها علاقة بالمواد المسكرة دليلاً على حرص الوزارة على أن تكون أحد وجوه الخير في المجتمع، لكن ذلك قد لا يكون كافياً عند البعض، إذا لم تواكب تلك الأفعال الخيرة بقرارات تؤثر في حياة الناس المعيشية، ومن أهمها منع احتكار الوكالات الحصرية للسيارات والبضائع وبعض السلع.
ولن يبقى لنا في نهاية المقال إلا أن نقول لمعاليه جزاكم الله خيراً على أفعالكم الخيرة في الحث على الصلاة جماعة ومنع الشمبانيا السعودية والنبيذ من قوائم الأشربة في الفنادق والمطاعم، لكن أوجه الخير في منع الاحتكار تحتاج إلى قرار لإطلاقها، والله على ما أقول شهيد.