يتردد على مسامعنا دائماً كلمة (المصلحة العامة)، فالموظف سواء كان مدنياً أو عسكرياً أو من موظفي القطاع الخاص عندما يؤدي عمله بالدقة والأمانة مع بذل مجهود إضافي يقال عنه: إن فلاناً يخدم المصلحة العامة، وبخلاف ذلك فإن الموظف الذي يتعمد التقصير في واجباته يقال عنه: إنه يضر بالمصلحة العامة، والمواطن خارج الإطار الوظيفي الذي يحاول مساعدة الناس والتسهيل عليهم يقال: إنه يخدم المصلحة العامة ورجل الأمن الذي يسهر على راحة الناس فضلاً عن كونه يؤدي واجبه الوظيفي يقال: إن عمله هذا ينضوي في خدمة المصلحة العامة لكونه يسهل للناس العيش داخل هذا المجتمع بيسر وطمأنينة.
فما هي المصلحة العامة، وهل هي أمر محسوس وواضح؟ وهل خدمة المصلحة العامة أمر واجب على الجميع أم أنه واجب على البعض دون البعض الآخر؟
المصلحة العامة: هي الغاية والهدف في كل مجتمع لكون كل فرد في المجتمع يستفيد من حماية المصلحة العامة، في العيش داخل هذا المجتمع في أمن وسكينة واستقرار، فالمصلحة العامة هي مصلحة الجميع سواء الأجيال الحاضرة أو المقبلة وهي هدف للجميع وللحكومة وأنظمتها.
وللمصلحة العامة عناصر جوهرية تتمثل في تقديم الخدمة العامة والاستقرار والتطور، كما أنها هي الأساس الذي تستند إليه الحكومة في أي مجتمع للقيام بواجباتها، ولذا يجب أن تكون المصلحة العامة ذات طابع أخلاقي بحيث تنطوي على إرساء الحياة السليمة لأفراد المجتمع.
أما في الشريعة الإسلامية فإن المصلحة تعني حفظ مصالح الناس التي تتمثل في الدين والنفس والعقل والعرض والمال وهو معنى لا يختلف عن المفهوم المعاصر للمصلحة العامة.
ومن ضوابط حماية المصلحة العامة ما يلي:
* أن تكون مصلحة حقيقية وليست خيالية، وذلك للتأكد من وجود الضرر الذي يجب إزالته أو المنفعة التي يجب الوصول إليها.
*أن تتصف بالعمومية بحيث تشمل الناس كافة وليست مصلحة شخصية.
* ألا تتعارض مع الحكم الشرعي أو الإجماع أو مع مصلحة عامة أخرى مقررة بأدلة أقوى.
إذاً فإن مراعاة المصلحة العامة تعتبر قضية عامة لا تخص الموظف الحكومي فقط بل تشمل كل مواطن، فإزالة كل ما يعطل حركة الطرق مع أنه فضيلة حثت عليها السنة الشريفة إلا أن المواطن الذي يقوم بمثل هذا العمل يكون قد قدم خدمة للمصلحة العامة لأن هذا الأذى قد يلحق الضرر بالناس أو أحد الأجهزة الخدمية، والمدرس الذي يبذل جهداً إضافياً مع أحد طلابه بسبب ضعف مستواه الذهني يعتبر قد خدم المصلحة العامة لأنه استطاع أن يضيف للمجتمع مواطناً صالحاً وناجحاً والجندي الذي يبذل قصارى جهده إلى حد فقد حياته في سبيل الدفاع عن وطنه أو حمايته من المحظورات أو الاعتداءات أو الإرهاب يعتبر قد خدم المصلحة العامة، والطبيب الذي يخلص في عمله إلى حد أنه يتابع حالة مرضاه بعد خروجهم من المستشفى يعتبر ذلك خدمة للمصلحة العامة لكونه حريصاً على صحة المواطنين واستمرار عطائهم، والتاجر الذي يحرص على استيراد المواد الجيدة ولا يتجاوز الأسعار المحددة ويكتفي بالربح المعقول يعد ذلك خدمة للمصلحة العامة، لأنه غَلَّب مصلحة المجتمع على مصلحته الذاتية.
وعليه فإنه يمكن تحديد الإطار الذي يشمله مفهوم وحقيقة المصلحة العامة الذي يجب المحافظة عليها فيما يلي:
* التمسك بأحكام الشريعة الإسلامية لكون الدين جزءاً أساسياً في حياتنا وأنظمتنا ولأن بلادنا مهبط الوحي ومنطلق هذه الشريعة الغراء، ولأن المواطن سوف يعكس بذلك الصورة الإيجابية لوطننا وسيكون أسوة حسنة لغيره.
* الإخلاص للوطن ولقيادته الرشيدة.
* الجهد الإضافي الذي يبذله الموظف الذي يزيد على المهام المطلوبة منه سواء كان هذا الجهد يتعلق بطبيعة عمل وظيفته أو يتعلق بعمل آخر.
* العمل الخيري الذي يقوم به المواطن دون انتظار مقابل مادي أو معنوي لما قام به.
* التقيد بتطبيق الأنظمة واللوائح على سائر الحالات ومعاملة جميع المستفيدين أو المراجعين وفق مبدأي العدالة والمساواة.
* التعاون مع أجهزة الدولة في سبيل معالجة الفساد الإداري أو المالي أو من أجل حماية المملكة من دخول المواد الممنوعة، أو من أجل ضبط الخارجين على الأنظمة ومن يهدفون إلى إثارة البلبلة والفتن بين المواطنين.
* التعاون مع الأجهزة الأمنية فيما من شأنه المحافظة على الأمن والاستقرار الذي تعيشه بلادنا واستمرارهما.
*عدم التعاون مع أي دولة أخرى فيما من شأنه الإضرار ببلادنا.
*عدم الحصول على جنسية دولة أخرى أو العمل فيها دون موافقة الجهة المعنية في بلادنا.