صدر قرار إنشاء المجلس المركزي لاعتماد جودة المنشآت الصحية وفق قرار وزاري رقم 87436-11 وتاريخ 19-5-1426هـ ومن ضمن ما جاء في قرار الإنشاء «يتم الصرف على أنشطة المجلس وفروعه بالتنسيق بين الأمانة العامة لمجلس الخدمات الصحية وأمانة المجلس..» كما جاء فيه « على أمانة مجلس الخدمات الصحية والجهات الصحية ذات العلاقة تنفيذ هذا القرار».
هذا يعني أن المجلس منذ البدء لم ينشأ تحت مظلة وزارة الصحة مباشرة، كما يعتقد البعض بدليل أن رئيسه لم يكن يعمل بوزارة الصحة. لكن ماحدث بعد ذلك و مع تغير الإدارة بوزارة الصحة وعدم تخلي معالي نائب وزير الصحة عن مركزه كرئيس للمجلس بعد انتقاله للوزارة، وتعيين وزارة الصحة لأمين عام للمجلس، أظهر المجلس وكأنه تابعاً لوزارة الصحة.
مؤخراً صدر قرار تحويل المجلس إلى مركز تابع لمجلس الخدمات الصحية، واعتبر بعض مسؤولي وزارة الصحة ذلك الأمر فتحاً إدارياً كبيراً. بينما الواقع يشير إلى أن الأمر لم يتعد كونه تغييراً في المسمى من مجلس إلى مركز والعودة للقرار الرئيس في بدء تأسيسه والذي ربطه بمجلس الخدمات الصحية.
المجلس حرث بذرات جيدة، لا زالت قابلة للتطوير في مجال اعتماد المنشآت الصحية والمساهمة بالتالي في جودة التنظيم والأداء الصحي، لكن نجاحه وتطوره مرهون باستقلاليته. حيث لا يمكن لأي جهة اعتماد وتقييم أن تؤدي عملها بشفافية وحيادية ما لم تكن ذات استقلالية تامة عن الجهة التنفيذية التي يتم تقييمها. كيف يمكن الثقة بقرارات المجلس المتعلقة بمستشفيات ومراكز وزارة الصحة وهي الوزارة التي ترأسه وتديره؟ هنا تعارض في المصالح وخلل بمفهوم العمل الرقابي وأعمال الاعتماد التي يقوم بها المجلس - أو المركز بمسماه الجديد - ويفترض أن تكون محايدة ومعلنة بشكل شفاف دون تأثير من جهة تنفيذية.
من هذا المنطلق اشير إلى أن قرار تغيير المسمى من مجلس إلى مركز جاء دون التوقعات ودون الطموحات وربما حتى دون الخطط التي كانت موضوعة للمجلس حين تأسيسه. حيث نطالب بتحويل المجلس إلى هيئة مستقلة تماماً عن جميع القطاعات الصحية التنفيذية سواء حكومية كانت أم خاصة. هيئة لها مواردها الذاتية ولها صلاحيتها المطلقة في تقييم واعتماد كافة المؤسسات الصحية ونشر نتائج تقييمها للجميع. ويتولى مجلس إدارتها اختيار أمينها التنفيذي وفق معايير علمية تنافسية وليس عن طريق التعيين من قبل أحد مسؤولي القطاعات الصحية التنفيذية التي يفترض ألا تتدخل في أعمال الهيئة المستقلة.
وبمناسبة الموضوع أشير إلى أنني سبق أن كتبت نفس الفكرة عندما أسس المجلس قبل عدة سنوات وجاء رد مسؤولي مجلس الخدمات الصحية ووزراة الصحة حينها متوافقاً مع الرأي القائل بضرورة تحويله إلى هيئة مستقلة، لكنهم رأوا أن يتم ذلك مستقبلاً وفق الظروف الإدارية المتاحة. فلماذا تم التراجع عن تحويل مجلس اعتماد المنشآت الصحية إلى هيئة وطنية مستقلة لاعتماد وتقييم المنشآت الصحية؟
كيف رضي ممثلو القطاعات الصحية المختلفة فيه بهذا التغيير السطحي في المسمى فقط؟ أم أن مجلس الخدمات الصحية هو مجلس الرأي الواحد وممثلو القطاعات المختلفة لا يعنيهم أمر هذا المجلس/ المركز كثيراً، بدليل تهافتهم على اعتمادات أجنبية وعدم الاستعانة أو الرغبة في الاستعانة به.
هل رأيتم مجلس/ مركز اعتماد المنشآت الصحية السعودي يتولى اعتماد أو تقييم أي مؤسسة صحية عسكرية أو جامعية أو من في حكمها كالتخصصي؟