كانت لفتة جميلة من الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان (الأهلية) عندما بادرت إلى استنكار قيام أحد المواطنين باحتجاز عامل نظافة في منزله وتعذيبه بعد أن شك في سلوكه تجاه أهل بيته، لكننا نتمنى من الجمعية ومن هيئة حقوق الإنسان (الحكومية) أن تتخذ إجراءات عملية لوقف الاعتداءات على العمالة تحت أي ذريعة.
نحن لا نعلم إن كان العامل الذي تعرض للضرب المبرح الذي تم تصويره أثناء التعذيب وتوزيع مقطع الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد ارتكب المخالفة الذي اتهمه المواطن بها أم لا، لكن المؤكد أنه لا يحق لأي إنسان أن يتقمص دور الجهات القضائية والتنفيذية ويطبق ما يعتقد أنها عقوبة مناسبة على شخص آخر متهم بارتكاب مخالفة أو جريمة. فلو «استولى» الناس بالقوة على دَوْر الأجهزة القضائية والتنفيذية وطبقوا قوانينهم الخاصة لَتَحَوَّلَ المجتمعُ إلى فوضى وأصبحنا نعيش في غابة وليس في مجتمع متحضر.في حالات الخطر يمكن أن يدافع الإنسان عن نفسه ولن يلومه أحدٌ على ذلك، ولكن ما شاهدناه في المقطع المصور كان حالة «غضب» استبدت بالمواطن وليست حالة «خطر». فقد كان بالإمكان الاتصال بالجهات الرسمية ذات العلاقة وتقديم شكوى ضد العامل المتهم وتقديم الأدلة على صدق الادعاء لأن كلام المواطن ليس وحياً منزلاً ومن ثم لا يمكن الأخذ به دون دليل غير قابل للشك.
معلوم أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ومعلوم أن الدفاع عن المتهم واجب ديني قبل أي اعتبارات أخرى. وهذا كاف، ولكن علينا أيضا أن نأخذ في الاعتبار ما يمكن أن يُسجل ضدنا لدى منظمات حقوق الإنسان العالمية حين ينتشر المقطع المصور لتعذيب عامل نظافة على يد مواطن دون محاكمة ويتم تداوله في كل أنحاء العالم.
أعرف أن هناك من يقلل من أهمية منظمات حقوق الإنسان العالمية وما يمكن أن تقوله تعليقاً على مثل ذلك المقطع، ولكن من يفعل ذلك ينسى أن عالم اليوم هو عالم مترابط ولا يستطيع أي مجتمع أن يعيش بمعزل عن المجتمعات الأخرى، وقد ثبت من الأحداث التي وقعت منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما تبعها من تداعيات أننا يمكن أن نتأثر أشد التأثر بالصورة التي ترتسم عنا في أذهان الآخرين.
أتمنى من الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن تتابع مبادرتها من أجل إنصاف ذلك العامل أو أي إنسان آخر يتعرض للأذى على النحو المؤذي للمشاعر الذي شاهدناه في مقطع الفيديو، وأن تبادر إلى تقديم شيء عملي من أجل ذلك.