راي شين
لاحظت إحدى الشركات أمرًا مستغرَبًا، إِذْ انحسر حجم بقايا التصنيع في أحد المعامل التابعة لها بشكل كبير جدًا. وبفضل هذا الاستنتاج الصَّغير وتداعياته، تسلّطت الأضواء على نقطة غالبًا ما يغض المديرون النظر عنها وسط سعيهم للابتكار، وهي أنّه يفضّل أحيانًا التفكير ضمن إطار العمل المعتاد.
ومن المعلوم أن الشركات تكرّس الكثير من وقتها وجهودها لمحاولة تكييف أفكار مأخوذة من صناعات ومجالات أخرى. ولكنني أعتقد أن فكرة واحدة على الأقل تختفي داخل شركتك الخاصَّة، وقد يتأتّى عنها الكثير من الفائدة.
ولهذا السبب، أصرّ على التفكير ضمن إطار العمل المعتاد - ويتمثَّل هذا الإطار بمؤسستك. ومن المؤكّد أنّه في حال توفّر فكرة عظيمة، ستكون مختبئة على الأرجح في خبايا المؤسسة.
وهذا ما كان عليه الأمر بالنسبة إلى الشركة التي تنبّهت إلى انخفاض بقايا التصنيع، إِذْ عني الأمر أن إجراءات تصنيع كانت أكثر فعالية. ولكن ما الذي كانت تفعله الشركة بطريقة مختلفة؟ ذهب مديرو الشركة للاستكشاف وإلقاء نظرة على ما يجري.
اكتشفوا أن أحد المهندسين في وحدة القولبة بالحقن طوّر طريقة معالجة أولية لحبيبات البلاستيك، تسمح بسهولة أكبر في انسيابها عند تلقيمها للنظام. وبالتالي، ما عاد تنظيف الآلات ضروريًّا بالوتيرة المتكررة ذاتها، مما أدَّى إلى انخفاض حجم البقايا التصنيعيّة.
وتم تطبيق هذا الابتكار على القسم الأكبر من الآلات في المعمل، إنّما ليس خارج نطاقه. لماذا؟ لأن مديري الوحدة لم يعتبروا الفكرة مميزة إلى هذا الحدِّ. وقد نظروا إليها على أنّها تحسين بسيط - ولم يتطلب إلا كمًا قليلاً من التجهيزات الرخيصة التكلفة - إلى حدٍّ لم يجعلها كبيرة بما فيه الكفاية لاعتبارها «مشروعًا».
وقد تبيّن أن نشر الفكرة سهل على نطاق الشركة، واستفادت منها المؤسسة بكاملها.
ولوحظ أن قلّة فقط من الشركات لديها ثقافة تروّج لنشر الأفكار الجيدة، وبالتالي، ينبغي الذهاب في إثر الأفكار الكامنة في خبايا شركتك. وفيما يلي بعضٌ من أفضل الممارسات:
+ ابحث عن الشواذ: إن كانت نسبة تذمّر العملاء في وحدتك تبلغ 4 في المئة، ابحث عن وحدة تصل فيها هذه النسبة إلى 2 في المئة. واعلم أنّها تعتمد على الأرجح إجراءات مختلفة. وبالتالي، قم بمعرفة ما يفعلونه بالشكل الصحيح.
+ قم ببناء العلاقات: في العادة، لا يحبّذ المديرون الاجتماعات على نطاق الشركة كلّّها، ويعدّونها مضيعة للوقت. ولكن لا تسرع في الخروج من اجتماعات تلتقي فيها بأشخاص من أقسام أخرى. فما أن تتعرف إليهم حتَّى يصبح بإمكانك سؤالهم: «كيف نجحتم في معالجة هذه المسألة أو تلك؟» أو «هل بإمكاني مقايضة المهندسين معكم؟» وسرعان ما ستبدأ الأفكار بالتدفّق.
+ قم بدراسة الشركات التي استحوذتَ عليها: بعد الإقدام على عملية استحواذ، تميل الشركات إلى مطالبة الشركات الجديدة التابعة لها باعتماد طريقتها في معالجة الأمور. ولكن قبل الإقدام على هذا التغيير، ابحث في الأمور التي تجيدها الشركة المستحوذ عليها، واكتشف طريقة العمل فيها - فقد تكون أفضل من تلك التي تعتمدها شركتك.
+ قم بدراسة المورّدين: قد تشكّل الشركات المورّدة التي تتعامل معها شركتك مصادر أفكار، إما بسبب حسن أدائها في بعض المجالات، أو بسبب امتلاكها قدرات لم يسبق أن تطرَّقت لها.
+ ثابر للحصول على ثقافة أكثر انفتاحًا: حاول إقناع شركتك بضرورة إضفاء طابع مؤسسي على تبادل المعلومات. وقد طوّرت شركة أعرفها ثقافة تقضي بمشاركة أفضل الممارسات. وخلال عملية تحديد الموازنة السنوية، يُطلب من كل قسم فيها ذكر ممارستين من بين أفضل الممارسات التي طبَّقتها على امتداد السنة السابقة. إلى ذلك، تعمل الشركة بانتظام على نقل المديرين بين الأقسام لنشر المعرفة.