تبلغ مساحة قطاع غزة (56) كم مربع، يسكن فيها مليون وثمانمائة ألف فلسطيني يعيشون في بيئة وظروف إنسانية بالغة الصعوبة ووضع اقتصادي بائس، يتفاقم مع مرور الوقت دونما حلول جذرية له.
وبات مقلقاً تزايد معدلات الرغبة بالهجرة، وهي بلا شك تعكس حالة من اليأس بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يعيشها الشعب الفلسطيني والشباب على وجه الخصوص، حيث لا يجدون وسيلة كريمة للعيش نتيجة للبطالة المتفشية بين صفوفهم مع تزايد أعداد الخريجين وتعطل التوظيف في القطاعين العام والخاص، إضافة للتحديات التي يفرضها الاحتلال الغاشم، وقد عجزت الحكومة عن استحداث آليات جديدة لخلق فرص العمل وإتاحتها لهم، لذلك فقدوا الأمان المعيشي في وطنهم! وأصبح الفتى الغزاوي يكبر وبلده تغرق في الأزمات.. وعندما لم يجد الشباب حضناً آمناً لم يكن أمامهم حينئذٍ إلا الرحيل وليس مهربٌ سوى الهجرة لبلاد تحترم إنسانيتهم وتقدّر إمكانياتهم.. ويأتي انعدام الأمن وتراجع مستوى الحريات الشخصية كأحد دوافع الهجرة فضلاً عن ارتفاع أسعار العقار والغلاء المعيشي، وهي دوافع ماسّة وبواعث حرجة.
وكان جديراً بالحكومة فتح مجال الحوار بين الأجيال وتعزيز آلياتها وتفهم احتياجات الشباب من منظور تنموي، مع منحهم الفرصة الكاملة للمشاركة في صنع القرار، برغم أن المشاركة السياسية والمجتمعية للشباب العربي عموماً ما زالت تُمثِّل تحدياً كبيراً على أرض الواقع بسبب البنى التقليدية للمؤسسات والمجتمع، وهو ما يسهم في تعزيز الفجوة بين الأجيال ويزيد مستويات الإحباط.. إلا أن الشباب الفلسطيني يتميز بامتلاكه مستويات عليا من الطموح والتطلعات، كما أن لديه القدرة على تحمُّل الضغط والتأقلم مع واقعه المرير.
وفي ظل غياب إستراتيجية ورؤى وطنية لتثبيت الفلسطيني في أرضه وإكسابه الآليات للتصدي للمشروع الصهيوني بتفريغ فلسطين من شعبها مع دأب وحرص الحكومة الإسرائيلية على خلق بيئة حياتية طاردة للفلسطينيين والتضييق عليهم، مقابل جذب اليهود من جميع أنحاء العالم وتوطينهم بفلسطين التاريخية، فحينئذٍ قررت أعدادٌ كبيرة من الفلسطينيين الهجرة، ويحسن بهم - والحالة هذه - أن يكونوا على قدر المسؤولية بالتمسك بهموم قضيتهم وأمانة حمل رسالتهم، وأن يصبحوا سفراء لها من خلال التعامل الرفيع مع شعوب الدول المُهاجر إليها والتشبث بالخلق الإسلامي الرفيع ليعكسوا صورة جميلة عنها وعن بلادهم المقدسة، والحرص على ألا تتحول القضية الفلسطينية لذكرى فحسب!