أول وقفة نفس بيني وبين بعض المتشددين كانت بسبب مطالبتي بقيادة المرأة للسيارة عبر سلسلة مقالات (متى تبلغ المرأة السعودية سن الرشد؟) حيث أوردت ثلاثة عشر فرقاً بين المرأة السعودية ومثيلاتها في بلدان العالم الإسلامي.. وحتى تاريخه لم يتغير شيء، بل حظيت المرأة السعودية بفرص بدون مطالبات مُلحَّة كالدخول لمجلس الشورى وإمكانية ترشحها للمجلس البلدي وخوضها البيع في محلات الملابس النسائية والانخراط في سلك المحاماة، بيْدَ أنها لم تبلغ الرشد النظامي الذي يخول لها حقوق (السفر واستخراج بطاقة مدنية والعلاج والتعليم والعمل) دون موافقة ولي الأمر، فضلاً أنه لا يحق لها (حضانة أولادها أو سفرهم معها) إلا بموافقة وليهم رغم أن المحكمة لا تلزمه بالنفقة عليهم، إضافة إلى أنه في بعض المناطق تحرم المرأة من الميراث، وفي كل المناطق لا يسمح لها النظام بقيادة سيارتها، ولكنه يتفضل ويسمح لها بتملكها وتحمُّل المخالفات المروريـة.
والحق أنني أرى أنه بقيادة المرأة للسيارة ستتهاوى الفروق الأخرى، حيث ستسقط كل المبررات التي حارب من أجلها كثير من الممانعين الذين يرون أنه بـ(السواقة) سيفقدون جزءاً من سلطتهم! فقد تعالت أصوات تقاوم ذلك وتحرِّض الباقين على الرفض حتى وصل الأمر لتخويف المرأة من العقم! وإطلاق خطب الوعظ، وأن ذلك كفيل بغشيان الفساد ورفع الأمن والأمان عن بلادنا! وكأن المرأة لم تخرج من قمقمها ولم ترَ الدنيا وليست جزءاً من التنمية الوطنية، رغم أنها بالواقع تمارس قيادة السيارة ولكن بدون عجلة القيادة، لو كانوا يعقلون.
ولن أبرر دوافع المطالبة بالقيادة وأورد أسباباً لذلك كعدم الخلوة وتكاليف استقدام سائق ورواتبه لأنها تحولت أسطوانة استعطاف، ولكنني سأكتفي بأنه حق أولاً واختيار ثانياً، ومن لا ترغب فهذا شأنها، مثله مثل التعليم واستخراج جواز سفر بهدف السفر للعلاج أو السياحة وكذلك حرية حضور المناسبات ولبس عباءة الكتف وكشف الوجه الذي أصبح ظاهرة شائعة لا تجد زجراً ولا تعنيفاً ولا تخويفا برغم أن إطلاق عبارة: (تغطي يا مرة) كانت سارية وسائدة قبل سنوات بينما الآن لا نجد لها حساً ولا همساً.. وقد تحل بدلاً عنها عبارة: (لا تسوقين يا مرة) ثم يتحول الأمر إلى جلوس المحرم الرجل بجانب المرأة وهي تقود سيارتها بحجة أن (المرأة أركد سواقة، يا خوي!).