في الأسبوع الماضي سجلت حوادث عدة كان ضحيتها عائلات بأكملها شباباً وشابات في عمر الزهور على مقاعد الدراسة الثانوية والجامعية وأمهات وآباء في سن العطاء, حادث: حي الياسمين بالرياض دوار الملك عبد العزيز, عائلة تتكون من شاب وشقيقاته الأربع، وفي القصيم شمال بريدة عائلة، أُم وأطفالها, وفي ينبع بالمدينة المنورة عائلة مكونة من 7 أشخاص الوالدين والأطفال، وفي الدلم بمنطقة الرياض على طريق الجنوب مصرع خمسة أفراد من عائلة واحدة، جميع تلك الحوادث في : الرياض وبريدة، وينبع والدلم. متوسط الوفيات (5) أشخاص يرحمهم الله لم تكن وفاتهم بسبب غرق في البحر أو جرف سيول, أو حريق التهم المكان، أو زلازل وبراكين إنما هي سيارات تحصد الأرواح وبشكل يومي وهذه الحوادث ارتبطت بها بلادنا منذ زمن طويل، لأن لا وسيلة نقل لدينا بين المدن إلا السيارات فقط, أما الطيران فهي خدمة شبة مفقودة فخط الطيران لا يخدم بشكل مستمر لارتباطاته الدولية سوى: الرياض، الدمام، الظهران, جدة. أما القطارات فما زالت وعوداً وآمالاً والحديث يدور دائماً عن قطارات الخدمات التجارية والنقليات والبضائع وليس قطار الركاب.
الحوادث تحصد الأرواح من هنا وساهر يحصد ما في الجيوب، دون أي نتائج تعود للمواطن الذي ربط كاميرات ساهر بالجباية, وربط المرور والشركة المشغلة بإدارة الجباية، أرواح شباب وشابات ودماء تسيل في الشوارع بسبب الطرق وإدارة المرور والإهمال والتخبطات من جهات المرور ولا أحد يسأل، فلماذا لا تحاسب إدارة المرور أليست هذه أرواح زكية وبريئة؟
لقد تحولت الدوارات إلى مصائد قاتلة ومباغتة, والطرق المفردة بين المحافظات تحولت إلى طرق الموت والمذابح، كما أن أمن الطرق تحول من مراقب أمني إلى مسعف ومنقذ.
المرور لا يملك تبريرات سوى أن يحمل المواطن مسؤولية الحوادث، لا يتحدث عن الطرق الرديئة والمتعرجة والمفردة، ولا يتحدث عن فشل الأنظمة المرورية وتطبيقها داخل المدن ولا فشل التخطيط وإدارة المدن مروريا, لا يجيد سوى اختراع الدوارات التي تعرض أرواحنا للخطر وتقاطعات الموت، وتصميم الشوارع الذي يعد لتقاطع وفجأة يتحول إلى دوار، أو العكس دوار ثم يحول إلى تقاطع دون إحداث أي تغيير والنماذج عديدة.
نحتاج إلى عقول فاعلة في إدارة المرور لها رؤية هندسية وتمتلك خبرات في التخطيط والهندسة فقد أصابتنا إدارة المرور العتيقة باليأس وجرتنا إلى الحوادث القاتلة، فهي لا تملك من الحلول سوى إغلاق مداخل الطرق بالدوريات ووضع الحواجز الأسمنتية واختراع الدورات. المواطن يدفع ثمنا غاليا لقاء غرامات ساهر المبالغ بها ولم يتحصل على خدمة مقابلها مثل ضبط الشارع وتنظيم السير, تلك الغرامات التي تقتطع شهريا من الرواتب المحدودة لا يتحصل المواطن مقابلها على حماية أو تحسين خدمة, في حين الوفيات بالجملة أرواح طاهرة تغطي جميع مناطق المملكة عائلات كاملة بأطفالها ورجالها ونسائها. فهل المرور محصن من المساءلة وهل نحن مجبرون كمواطنين على إدارة بهذا المستوى من الأداء المتواضع, فالثمن ندفعه من دمائنا وجيوبنا وبدون طائل بدم بارد.