هذا حديث عابر مع مواطن يتساءل ماذا قدم المهرجان الوطني للتراث والثقافة، «الجنادرية»، من مناشط حول الأمن الفكري والفساد الإداري.. وغيرها من الموضوعات، والتي أصبحت من المواضيع الاجتماعية وليست من المواضيع السياسية كما كانت في السابق. الإجابة كانت حاضرة، مع التذكير بالجنادرية هذا العام، حيث كانت حاضرة باسمها ومناشطها المتنوعة، وبحضور ضيوفها من مختلف بقاع العالم، ومن جميع الديانات والأطياف.
ولم تغمض الجنادرية عيناها منذ نشأتها، على يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، -حفظه الله-، عن مناقشه المواضيع التي تهم الوطن والمواطن، فقد نوقش موضوع الفساد الإداري هذا العام، فكانت الجنادرية بأحلى حللها، وحضر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة»، وكانت علامة واضحة لقيادة الجنادرية واهتمامها، وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، وزير الحرس الوطني، ومعالي الشيخ عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري نائب وزير الحرس الوطني، -يحفظهما الله-.
تلك الأمسية لا يمكن أن تنسى أو نتناساها، لأسباب عدة أهمها مشاركة أبناء الوطن مع رئيس الهيئة وأمام الحضور، وكما أسلفت جاؤوا من مختلف دول العالم ليشهدوا ما وصلت له المملكة العربية السعودية من تطور في كافة المجالات، وكان الحديث أكثر صراحة وشفافية وموضوعية.
لقد أوقفتني تلك المداخلة القيمة، من الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الحميدي، حيث يقول: يعلم الجميع بأن جودة العمل الإداري تسير يداً بيدٍ مع جودة العمل المالي، وهما وجهان لعملة واحدة، ولن يتمكن مختلس للمال العام بدون وجود إجراء إداري يمكنه من فعلته. ومن هنا تخرج علينا بعض الومضات حول ذلك.
أولاً: إن إدارة الموارد المالية الحكومية، بمفهوم إدارة المال بالقطاع الخاص، كالبنوك والشركات، سيحد، من الاختلاسات، وهذا الأمر، في المقابل، يؤكد على أهمية التعامل مع الإجراء الإداري تماماً كما يتعامل مع المال، مع وجود رقابة داخلية من خارج القطاع بشكل رسمي أو متعاون، مثلما يتواجد ممثل مالي من وزارة المالية.
ثانياً: في عملية التحقيق، فإن موظفاً بسيطاً قد يكون كبش فداء لهامور القطاع، والمتوجب أن يحاسب المسؤول الأعلى وتحميله المسؤولية مناصفة مع من يجرؤ بهذه الفعلة؛ فالمنصب ليس كرسياً دواراً وبرستيجاً اجتماعياً وغيره من منافع، بل هو المتسبب لإهماله تلك الإجراءات.
ثالثاً: إن استخدام «نزاهة» محققين خاصين لها، مثل الوايت هاكر لشركات البرمجيات، لتتبع خيوط المفسدين والفساد، أمر ضروري، فمن يجرؤ على سرقة وظيفة ومصالحها بتنفذه أو قربه من صاحب القرار، فهذه خيانة للأمانة، وحينها لا يتردد في خيانة الوطن بضرب عدالته الاجتماعية والوظيفة، وأكبر من ذلك قد يقول قائل: إذا المسؤول الأعلى يعلم وهو ساكت فقد يكون مباركاً، وهذا الأمر مصيبة أخرى.
وأختتم ذلك الحوار بمجموعة من الأسئلة:
- إنفاذاً لأمر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك، عبدالله بن عبدالعزيز، -يحفظه الله-، فهل يد «نزاهة» تطال كائناً من كان؟..
- هل «نزاهة» تستطيع أن تحيط وسائل الإعلام بنتائج عملها، كما تعلن عن تحقيقها في بعض القضايا؟..
- هل يمكن محاسبة صاحب القرار في أيّ جهة على فساده وإفساد منسوبيه؟..
أسئلة واقعية، وهي بمثابة متغيرات جديدة، ستنهض بالوطن والمواطن، والذي آمل من وزارة الحرس الوطني، ممثلة بإدارة المهرجان «الجنادرية»، أو الهيئة «نزاهة»، أو مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، أن تتبنى مثل هذه الأسئلة كمحاور لنشاط قادم.. وللجميع التوفيق.