حتى لا يقال مشجع أو معارض، لن أصرح برأيي في مسألة قيادة المرأة للسيارة. هدفي من محتوى هذا المقال هو طرح دور مجلس الشورى في الشأن العام، هل هو كابح (فرملة) أم دافع (دعسة بنزين). الأوساط الاجتماعية ترى في مجلس الشورى أنه دائرة حكومية يجتمع فيها موظفون حكوميون لهم امتيازات مادية ومعيشية واضحة، يتحدثون في أشياء كثيرة، وهذا كل شيء. هذا الرأي سبق أن نقلته في اجتماع بمؤسسة الجزيرة الصحفية لمجموعة نخبوية من أعضاء مجلس الشورى برئاسة فضيلة رئيس المجلس.
مؤخرا تقدمت ثلاث سيدات عضوات في مجلس الشورى بدراسة شاملة مدعمة بالأرقام عن قيادة المرأة للسيارة في المملكة العربية السعودية واقترحن على المجلس قبول هذه الدراسة للنقاش الشوروي ثم التصويت عليها. مجلس الشورى رفض، أو لم يتبن مقترح الزميلات الثلاث بحجة أنه مخالف للقواعد المسيرة لعمل المجلس، وهكذا حسم الموضوع وانتهى الأمر.
أعتقد أن عموم الجمهور، وأنا واحد منهم يريد أن يعرف بالضبط لماذا يعتبر المجلس أن نقاش دراسة مؤصلة عن قيادة المرأة للسيارة يخالف القواعد المسيرة لعمل المجلس. هل وجه المخالفة يقع في باب المخالفة الشرعية أو الاجتماعية، أم أن النقاش في شؤون المرأة عموما ً ليس من صلاحيات المجلس حسب اللوائح والأنظمة المؤطرة لأعماله.
كيف يستقيم أن يكون نقاش مكافآت أو علاوات أو امتيازات أعضاء المجلس شأنا عاما يجوز طرحه للنقاش، لكن النقاش في النواحي الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية التي تدخل في صميم الوضع المعيشي للمرأة السعودية يعتبر مخالفا ًللقواعد المسيرة لعمل المجلس.
مسألة حق المرأة لقيادة السيارة عندنا مسألة خلافية وعلى قدركبير، وضخم جدا من الأهمية. الوضع الحالي المعطل لهذا الحق ترتبت عليه مشاكل اقتصادية ضخمة وجنوحات أخلاقية شائكة وصمت اجتماعي غير معقول على مساوئ لا تتحملها سوى مجتمعات الإنكار والتأجيل وإخفاء الأسرارعن الأنظار داخل البيوت.
بالمقابل هناك بالتأكيد قطاع عريض يرى في التصريح بقيادة المرأة للسيارة احتمالات فساد طويلة عريضة، وذلك أمر محتمل أيضا ولابد من التحسب له، ولكن بعد المقارنة الصريحة والعادلة والمفتوحة بما هو حاصل فعلا من خروقات شرعية وأخلاقية وحقوقية مسكوت عن أكثرها هولاً وأشدها قبحا، تمس حتى الأطفال والقصر من الجنسين.
تجاهل أو تطنيش من مجلس الشورى لدراسة من قسمه الأنثوي حيال قضية تتشابك فيها كل حقوق المرأة الشرعية والمعنوية والمادية يجعل المحايد، سواءً من داخل هذه البلاد أو خارجها يتساءل هل عيون الأعضاء في مجلس الشورى مصوبة نحو الأمام أم نحو موطئ القدم.