من لم تتح له الفرصة للتنقل بين (المشاعر المقدسة)، والسير (كيلو مترات) على قدميه وسط أمواج الحشود البشرية، وهو يراقب وينظر ويرصد (معاناة ومشّقة) أداء النسك، ليشعر (بزفرات) الحجيج، ويسمع دعاءهم، ويلمح (عرقهم) يتصبب عن قرب في الرحلة الإيمانية (الحُلم)، لا يمكنه أن يصف لك ما يحدث في الحج بعيداً عن الأعين!
فرغم تسمّر أكثر من (مليار ونصف المليار) مسلم، ومئات الملايين من غير المسلمين (اليوم) أمام شاشات التلفزة العربية والأجنبية لمراقبة الحدث الأهم (الوقوف بصعيد عرفات)، وإعجابهم بكل ما تقدمه المملكة العربية السعودية من خدمات صحية وأمنية (جبارة) لراحة الحجيج، تبقى هناك مشاهد وتفاصيل بعيدة عن (عين الكاميرا) لاتستطيع البوح بها للمشاهدين، أبطالها شباب سعوديون (احترفوا إدارة الحشود)!
هؤلاء لا يعرفون بعضهم بالأسماء، تراهم قدموا من كل المدن والمحافظات السعودية، تجمعهم المشاعر الإيمانية الصادقة، وتربطهم (خدمة الوطن والدين معاً)، منهم رجال أمن مخلصون، وأطباء عاملون، وإعلامييون صادقون، وعاملون متفانون من الأدلاء ومشاركيهم في حملات وبعثات الحج، اتحدوا صفاً واحداً، وفريقاً صادقاً، قد تنقل الكاميرا جهودهم الملموسة لخدمة الحجاج، ولكنها لن تنجح في نقل (تفاصيل خاصة) يتعاملون بها مع ضيوف الرحمن!
لم يطلب منهم أحد أكثر مما كلفوا به في مهامهم، ولكنهم يبحثون عن مضاعفة الأجر، واستثمار شرف (الزمان والمكان)، بتقديم الخدمة وما بعدها للحاج، في (صورة نادرة) يصعب أن تجد لها مثيلاً في العالم أجمع!
ما زلت أذكر صورة ذلك (الشاب) من رجال الأمن الذي يحمل حقيبة (حاج مسن) بيده، ويمسكه باليد الأخرى، كي يقطع الشارع بسلام، اللغة (خانة الحاج) كيعبر عن شكره لرجل الأمن، فقبل يده شكراً وامتناناً، فما كان من الشاب إلا أن سحبها بسرعة، وقبل هو رأس الحاج المُسن ليعود إلى موقعه ويكمل الحاج طريقه، هذا حدث (أمامي) أنقله بكل تجرد، لن تنجح (ألف كاميرا) في نقل تفاصيله للمشاهدين، وغيره صور في المستشفيات والحملات والساحات!.
يحق لكل سعودي أن (يفخر ويفاخر) بمن يسابقون الزمن في منى وعرفات ومزدلفة، ليتفرغ الحاج للعبادة وأداء النسك!.
وعلى دروب الخير نلتقي.