ساعدت وسائط التواصل الاجتماعي والإعلام البديل للمطالبة باستصدار ترخيص للمرأة السعودية؛ كي تقود سيارتها.
ربما تنجح هذه المطالبة في إظهار مدى حاجة النساء إلى قيادة سياراتهن بأنفسهن، ومنح هذا الحق لمن يرغب منهن في ذلك، وعدم إيقافهن من أية جهة كانت، بحيث تأخذ قيادة المرأة السيارة وضعاً طبيعياً وغير مستنكر.
ولو عدنا إلى الشّرع المطهّر ؛ فإننا لن نجد «نصاً» صريحاً من الكتاب والسنّة يحرم قيادة المرأة وسيلة «النقل» سواء كانت في القديم راحلة أو في الحديث سيارة؛ وجلّ الآراء المتحفّظة على قيادة المرأة اجتهادية تنبع من الحرص على سلامتها وإبعادها عن مواضع الشبه أو الخطر أو تعرّضها للمضايقات والتحرُّش أو الابتزاز، وهو حرص مقدّر واجتهاد ينطلق من نيّة صادقة ورغبة مخلصة من علماء أفاضل على تحرِّي ما فيه الخير والمصلحة وحماية الأعراض؛ ولكن ما يتبيّن اليوم من أخطار كبيرة ناجمة عن تزايد أعداد السائقين في مجتمعنا والتي تصل إلى الملايين وليس مئات الألوف، وما يحدث من إساءات ومفاسد وتحرُّش واعتداء وخلوات بالبنات والنساء، في أوقات قد تكون متأخرة جداً من الليل، وفي طرق نائية بعيدة، قد يستغل فيها بعض النساء من فاسدي الضمير والخلق، يحتّم النظر في اتخاذ المصلحة الأعلى وتغليب الضرر الأقل على الضرر الأكثر، ولا يمكن أن يحسن أحد من الناس الظن على الإطلاق في كلِّ الملايين المتدفّقة على بلدنا من أقطار الدنيا، ولا أن يطمئن كلّ الاطمئنان إلى أخلاقهم، وهم من ديانات وثقافات وبيئات ومشارب مختلفة؛ فكيف يجوز أن يفرط في أعراض النساء بجواز خلوتهن مع سائقين غرباء، ومن ثقافات وديانات وبيئات قد لا تتفق مع ديننا وثقافتنا؛ بينما يرى بعض الممانعين الخطر كلّ الخطر في أن تخلو المرأة بنفسها أو مع أولادها في سيارتها؟!
وأرجو أن يكون الاكتشاف العالمي المذهل الذي خرج به علينا أحد المجتهدين عن «مبايض» النساء - ربما السعوديات على الأخص من بين نساء العالم - آخر ما في جعبة الممانعين ؛ بعد أن تكون حججهم قد انتهت وجاهتها، ولم يجدوا حجّة جديدة مقنعة تمنع ما تفرضه الضرورة والعقل والمنطق.
ولنتذكّر أننا البلد الوحيد في العالم الذي يعيش هذه الازدواجية الغريبة غير المقنعة ؛ وهي السماح بخلوة الرجل الغريب، ومنع انفراد المرأة بنفسها في سيارتها!