في ظلِّ التطوّر الذي شهدته الإدارة الحديثة لم تهمل الأنظمة الحكوميَّة، بل أعطتها الدولة اهتمامًا باعتبارها نتاجًا لدراسات وأبحاث تَمَّ ترجمتها إلى الميدان من خلال لوائح وقوانين جاءت على شكل كتيبات يتم توزيعها على الوزارات والمؤسسات الحكوميَّة لتكون مرجعًا لتفسير بعض النصوص والقوانين، التي يتم التعامل معها وترتبط بحقوق المواطنين ومصالح الدَّوْلة بشكل عام والمملكة العربيَّة السعوديَّة من أوائل دول العالم العربي، فالمملكة العربيَّة السعوديَّة التي أرست لقواعد التطوّر والتقدم منذ توحيدها على يد الموحد الملك عبد العزيز -طيَّب الله ثراه- تفاعلت مع خطط تنموية متكاملة أدخلت فيها جميع لوائح التنظيم والتطوير والمعنية بها وزارة الماليَّة ممثلة في مطابعها الحكوميَّة التي تقوم بطباعة هذه اللوائح والقوانين وتوزيعها على المصالح الحكوميَّة وإتاحتها للجميع لاقتنائها من قبل القطاع الخاص وحتى المهتمين بالأنظمة من المحامين وأصحاب الدراسات الاستشارية. هذه الجهود للأسف لم تقابل من بعض المسئولين في الدوائر الحكوميَّة بثقافة متأنية لها، بل أصبحت رهينة الأرفف ولم يكلِّفوا أنفسهم قراءتها وهذا السلوك ينعكس على جودة الأداء ويسئ للدوائر الحكوميَّة، بل أبعد من ذلك يسيء إلى الدَّوْلة ككل لأن المسئول لا يمثِّل نفسه وإنما يمثِّل الدول بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
وبهذه المناسبة أذكر موقفًا حصل لأحد المواطنين وسمعته بشكل مباشر منه عندما راجع إحدى الدوائر الحكوميَّة بشأن موضوع يخصه، حيث تخاطب مع المسئول الأول في هذه الدائرة وأفاده أن ما أفاده به الموظف هو الذي يجب تطبيقه وتقبل المواطن هذا التَّوجيه بالرغم من عدم اقتناعه وصدفة تداول هذا الموضوع مع أحد المعقبين: أين أوراق معاملتي؟ فقال له: ماذا تريد بها؟ قال: إن موضوعك سوف يحلّ من خلال اللوائح، فقلت له: إنني ذهبت للمسئول الأول في هذه الإدارة وقال لي: إن ما قاله لك الموظف بشأن معاملتك هو الصحيح، فرد عليَّ المعقب وقال: أنا عندي نص اللائحة وسوف أحاج بها المسئول ولكن أرجو منك أعطاني الفرصة، بالفعل تَمَّ إنهاء الموضوع من قبل المعقب الذي نوّر المسئول بنص اللائحة، فلهذا لا بُدَّ من الجهات المعنية ولا سيما الحكوميَّة من توعية وتثقيف موظفيها باللوائح والتَّعليمات المنظمة للإدارات الحكوميَّة في تعاملها مع الأنظمة بدءًا من الهرم إلى أصغر موظف فيها وأن توزع جميع هذه الأنظمة على الموظفين للرجوع إليها وقت الحاجة كذلك عمل دورات للموظفين في الجهات الحكوميَّة المعنية بالتدريب لتنويرهم بفهم وتفسير الأنظمة واللوائح وتبسيط الإجراءات، كذلك لا يمنع من عمل اجتماعات ولقاءات داخل الدوائر الحكوميَّة لتعريف الموظفين باللوائح، التي يتم تطبيقها في هذه الدوائر.
والله الموفق..