عندما تنبه وزارة الشؤون الإسلاميَّة، والدعوة، والإرشاد - قبل أيام -، أئمة المساجد إلى عدم تمكين المتسولين من التحدث في المساجد، وطلب الأموال، متهمة إيَّاهم باستغلال اللباس، واللهجة السعوديَّة؛
لجمع التبرعات لجهات خارج السعوديَّة، فإنّ في ذلك إشارة إلى مدى الخطر الأمني، والاقتصادي، والاجتماعي، والفكري، الذي تمارسه هذه العصابات، عندما تتجاوز الأطر النظامية؛ لتدعي أنها تمارس أنشطة خيرية، أو إنسانيَّة؛ لكنها -في الحقِّيقة- مجهولة الجهة، فتقوم بجمع الأموال، التي قد تُؤدِّي في نهاية الأمر إلى آثار سلبية، تنعكس في دعم جهات تستهدف أمن بلادنا.
ليس لديّ أدنى شكٍّ، بأن هذه العصابات تُدفع من جهات، قد يكون لها أجندة خارجية، وعن طريق شبكات مُتعدِّدة؛ إرضاء لنزوات شخصيَّة، أو مذهبية، أو حزبية، أو تنفيذًا لرغبات دوليَّة معادية. ولذا فإنه من غير المقبول، أن تستمر هذه الظاهرة السلبية في بعض المساجد، وأن تكون تطبيقاتها على أرض الواقع مرنة فضفاضة، من دون إنكار عليهم -تارة- بتقديم صكوك ديون، أو ديات مزوَّرة، وتارة بإدمان المرض، والحاجة الماسَّة لإعانة أسرهم.
الأمر الذي يستدعي أن يستشعر كل إمام، ومؤذن، ومواطن، ومقيم مسؤولياته في تحقيق الأمن، ومنع تسريب تلك التبرعات إلى جهات تعمل على إخلال الأمن في بلادنا، ومكتسباتنا في الداخل، والخارج، والاتجاه بها إلى زوايا حادة، ومناطق رمادية.
لقد برهنت التطوُّرات المعاصرة على الصعيدين -العالمي والعربي- بأن الإخلال بالأمن الوطني، يكمن في توجيه هذه الأموال في الاعتداء على أمن البلد، وحدوده، ومكتسباته، بل وعلى أمن مواطنيه، ومقيميه، خصوصًا في ضوء معلومات، تشير إلى وجود حالات سابقة، قام بعض المتسولين ممن كانوا على علاقة سابقة مع متهمين بأعمال إرهابية في بعض الدول، والدفع إلى ذهاب تلك الأموال إلى منظمات، وجماعات أضرت بنا قبل غيرنا.
بقي أن أشير إلى أن مواصلة وزارة الشؤون الإسلاميَّة حملتها في العناية بالمساجد، وملحقاتها، والعمل على تدريب أئمة، ومؤذني المساجد؛ لتطوير أدائهما، والتأكيد على أن جمع التبرعات للمؤسسات الخيرية، أو غيرها، إنما يقتصر على استقبال التبرعات في المقار الرئيسة للمؤسسات، والجمعيات، أمور في غاية الأهمية، كونها امتدادًا للمصلحتين -الشرعية والنظامية-؛ حتَّى يكون مسار الأموال وفق الضوابط التي فرضتها الجهات الرسمية، وتصل إلى مستحقيها تحت غطاء رسمي.
ومثل هذه التنظيمات، تقتضيها السياسة الشرعية، القائمة على جلب المصالح، ودرء المفاسد على أساس التكامل، وذلك سعيًا لتحقيق الأهداف الرقابية، المتمثّلة في المحافظة على أموال المسلمين، ورفع كفاءة أداء الجهاز الإداري.