فاصلة:
((الكتابة هي رسم الصوت))
- حكمة فرنسية -
يعتقد البعض أن الكتابة أمر سهل، وأن بعض الوقت يكفي لتكتب زاوية في إحدى الصحف، خصوصاً أن في الصحف الآن متسعاً للأقلام الجديدة من دون أن تتدرج كما في الأمس من صفحات القراء أو صفحات التحرير.
الكتابة يمكن أن تكون عملاً سهلاً حتى تتحول من لحظات الحرية إلى ساعات الالتزام، وكلما تمرست في الكتابة ومارستها أكثر قيدتك الأفكار أكثر.
الكتابة متعة للذي يكتب وليس عند الناس تصور عنه أو أي صورة ذهنية، فهو يعبر عن ذاته غير مدرك لأبعاد اختلافات الجمهور الفكرية والنفسية.
وتصبح الكتابة نوعاً من القيود وإن كانت جميلة حين يدرك الكاتب مسؤولية قلمه، وحين يثق به القراء للتعبير عن مشكلاتهم، لكنه بساط أحمر سحبته مواقع التواصل الاجتماعي من تحت أرجل الكاتب.
وصار الصحفي المواطن يستطيع التعبير عن ذاته ومشكلاته دون الحاجة إلى الكاتب.
أصعب ما في حرفة الكتابة أن الالتزام بكتابة عمود صحفي أو زاوية صحفية أشبه بالواجب المدرسي إلا في حالة واحدة حين يكون الكاتب صافي الذهن متشبعاً ذهنياً بالفكرة التي سيكتبها، أما إن كان الكاتب مشوش الذهن وفي رأسه تتعارك الأفكار فإن كتابته للمقالة أشبه بالمشي على الأشواك.
وحين يفاجئني بعض القراء الشباب برغبتهم أن يصبحوا كتّاباً تبدو لي الكتابة أشبه بعالم مسحور غرائبي يغري كل من هو بعيد عنه، وتبدو قلوبهم الصغيرة أشبه بقلوب الأطفال الذين يحلمون بالصعود إلى السماء للمس النجوم المتلألئة.
ورغم إني لم أحلم يوماً بالسماء أو النجوم إلا أني احترفت الكتابة وأصبحت قدري، فدافعت عن استمراريتها في حياتي كثيراً وتركت فرصاً كثيرة للعمل إلا هي منذ أن تعرفت عليها منذ سنوات طويلة وهي ملاذي لا أعرف لي وطناً يسكنني سواها.
يحدث أن أسافر.. أن أنشغل بالحياة لكنها دائماً في قلبي، خبأتها بين أضلعي منذ زمن طويل، ونسيت أنها حرفتي فقط أعرف أنها في مكان نبض القلب.