أعلن هنا رسميًّا أن انطلاق أولى جلسات الحوار الوطني بخصوص خارطة الطريق التي اقترحها الرباعي الراعي للحوار سيكون غدا الجمعة بعد موافقة كل الأطراف على الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض بشأن رزنامة زمنية محددة لتنفيذ محاور ورقة العمل المنبثقة عن مبادرة اتحاد الشغل.وقال بوعلي المباركي نائب رئيس اتحاد الشغل، بأن المنظمة الشغيلة بصدد وضع اللمسات الأخيرة على الإجراءات وآليات الحوار بما يضمن انطلاقه في أفضل الظروف وبأسرع وقت ممكن، موضحا أنه لم تصل الإتحاد أية مراسلة رفض لأي حزب من الأحزاب المتنازعة.
وكان اتحاد الشغل قد شدد على ضرورة التعجيل بالتقاء طرفي النزاع، «وبدء الحوار بينهما للتوصل إلى التوافقات المنتظرة لإنهاء المرحلة الانتقالية وتنقية المناخ العام من كل ما من شأنه أن يؤجج الاحتقان ويؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني بالبلاد.»
ولكن يبدو أن دعوات التهدئة التي تعالت هنا وهناك، وخاصة من داخل اتحاد الشغل والمنظمات الراعية للحوار معه، لم تؤت أكلها خاصة صلب أحزاب الترويكا الحاكمة، حيث بدا جليا أن حليفي النهضة في السلطة، حزبي التكتل والمؤتمر، مرا إلى السرعة القصوى بموافقتها سرا وجهرا على مبادرة الإتحاد، حتى قبل تنقيحها فيما ترفضها النهضة الحاكمة في أغلب نقاطها إلى حد اليوم.
ولا يختلف الأمر صلب الحزب الحاكم، بل إن الوضع يزداد تعقيدا يوما بعد آخر، في ظل تكتم إعلامي كبير عما يحصل بين الجدران المغلقة بمقر حركة النهضة وبمقراتها المعلومة وغير المعلومة الموزعة على كامل تراب البلاد.
ووفق بعض المصادر التي تعترف يقربها من الحركة، فإن خلافا غير معلن طفا على سطح علاقات علي العريض رئيس الحكومة والشيخ راشد الغنوشي زعيم الحركة مباشرة إثر إعلان هذا الأخير بصفة فردية عن قبول الحركة لخارطة الطريق، محل الجدل. وكان المستشار الإعلامي للعريض، عبد السلام الزبيدي، سارع بنفي ما أعلن عنه الشيخ بصيغة فيها الكثير من الكياسة مؤكدا عدم استعداد حكومة الترويكا للاستقالة في هذا الظرف بالذات كما تريد ذلك أحزاب المعارضة.نفس المصادر تؤكد أن انشقاقا بدا واضحا بين زعيم الحركة ومن يمشي في ظله وبين رئيس الحكومة ووزراءه الذين يلتزمون بقرارات مجلس الشورى، بوصفه أعلى سلطة داخل الحزب، ولا يتماهون مع قرارات انفرادية حتى وإن صدرت عن الشيخ ذاته. وهو موقف جديد يخرج للعلن عن بداية عصيان داخلي يواجهه الغنوشي برحابة صدر أب يغفر زلات أبنائه في ظرف متشعب تطغى عليه التشنجات والعصبية.