كتب - سلطان الحارثي:
الخصخصة وما أدراك ما الخصخصة, تلك الكلمة التي نسمع بها كثيراً في الوسط الرياضي دون أن يعرف الكثير من الرياضيين معالمها, تشكلت لها لجنة قبل عدة أعوام برئاسة الأمير الراحل عبدالمجيد بن عبدالعزيز - رحمه الله - ولكنها قوبلت بالرفض, وتم تشكيل لجنة أخرى قبل عامين برئاسة الأمير عبدالله بن مساعد, ورفعت التوصيات من اللجنة للرئاسة العامة لرعاية الشباب ومنها تحولت للجهة المختصة في الدولة, ومنذ وما يقارب التسعة أشهر والقضية شبه منسية.
(الجزيرة) حاولت جاهدة قراءة المشهد مع طرح عدة تساؤلات على ذوي الاختصاص من أساتذة الجامعات والمختصين في الاقتصاد, ولكن محاولاتنا قوبل بعضها بالرفض وبعضها الآخر اعتذر بلباقة لانشغاله, ومع ذلك نشكر الجميع على احترامهم الذي أبدوه تجاه الصحيفة والقائمين عليها.
ماهو مفهوم الخصخصة, وما أهميتها للقطاع الرياضي, وما الفوائد التي قد تعود بالنفع على الرياضة السعودية, وما هي الرسالة التي تقولها للجهة المسؤولة حالياً عن ملف الخصخصة, تلك أسئلتنا التي طرحناها على الدكتور حييب بن علي الربعان عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن, والأستاذ راشد الفوزان الكاتب المتخصص في الاقتصاد.
البداية كانت مع د. حبيب الربعان والذي قال: «قبل الخوض في مدى أهمية خصخصة القطاع الرياضي علينا تعريف الخصخصة بشكل عام على أنها نقل ملكية شيء أو مصلحة أو مؤسسة وغيرها من ملكية الحكومة أو الدولة إلى القطاع الخاص أكان فردا أو مجموعة أو شركة ونحو ذلك وذلك لتقليل المصروفات الحكومية وزيادة في جودة الخدمات المقدمة وكفاءتها وتطويرها ومن ثم الحصول على العائد المادي».
وأضاف: «لقد شكل فريق عمل برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن مساعد ومجموعة من رجال الأعمال والأكاديميين المتخصصين في الاستثمار لدراسة وإعداد مشروع تخصيص واستثمار الأندية الرياضية بالمملكة، وقد قدم هذا الفريق مشروعه قبل عدة شهور لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية السباب ولا زال المشروع لم يقر بصورة رسمية.
وتابع الدكتور الربعان قائلاً: «من الأمور التي رشحت من المؤتمر الصحفي لمناسبة إعلان تسليم المشروع أن التركيز سينصب على رياضة كرة القدم فقط والأندية المشاركة في الدوري الممتاز (دوري عبداللطيف جميل) مع التأكيد على صياغة بعض الجوانب التي تساعد على الاهتمام بالألعاب الأخرى والجوانب غير الربحية في هذه الأندية, وكذلك عمل قوانين تساعد الأندية الصغيرة غير الجماهيرية والتي تعد هي الأكثرية من أندية رابطة المحترفين لكرة القدم، وغيرها من الأمور المالية وكيفية صرفها.
وأبدى الدكتور حييب الربعان قلقه من القوانين الحالية التي لا توائم الخصخصة, وقال: «هذه الأمور تجعل المتابع لهذا المشروع يعيش في حالة قلق لأن القوانين التي تحكم أنديتنا الرياضية 153 ناديا والرياضات والألعاب الأخرى لا زالت غير موائمة للخصخصة, فالأندية تدار في مجملها بطرق غير مؤسساتية من قبل متطوعين وهم مجلس إدارة الأندية وفي السواد الأعظم غير متخصصين في الاستثمار الرياضي».
وعرج الدكتور الربعان على أهمية الخصخصة, حيث قال: «الخصخصة بشكل مختصر لها أهمية (إذا كانت كل الأجواء مهيأة لذلك) في زيادة الجودة والإتقان في العمل والكفاءة للعاملين والتنافس الفاعل، وذلك لزيادة الإنتاجية ومن ثم الربحية, لذا يجب أن تكون القوانين التي تحكم الأندية تتيح الفرص لأصحاب الأموال والمستثمرين لكي يربحوا كل حسب إنتاجيته, بينما لا زالت القوانين الحالية لعمل الأندية تركز على الجوانب الاجتماعية وشغل أوقات الفراغ وزيادة أعداد الممارسين للأنشطة المختلفة من رياضية واجتماعية وثقافية ولها أهميتها في استقرار الوطن والمساعدة على التقليل من المشاكل الاجتماعية التي تؤثر على الوطن وأمنه المجتمعي».
وأشار الربعان إلى مايريده الرياضيون من الخصخصة وقال: «ما نريده كرياضيين من الخصخصة قد يختلف عما يريده أصحاب رؤوس الأموال والذين سيقومون ببذل أموالهم واستثمارها في المجال الرياضي, فنحن نرغب أن يكون هناك عمل مؤسساتي يتيح الاستمرارية في تطور الأندية، وكذلك الاهتمام بالبنية التحتية كالمنشآت الرياضية الحديثة المتكاملة التي تسهم في رفع مستوى الرياضة كممارسة ترفيهية أو رياضة النخبة التنافسية أو كمتعة مشاهدة, كما نرغب في زيادة الدعم المادي لتهيئة اللاعبين والفرق التي تمثل المنتخبات الوطنية من حيث جودة وفعالية الإعداد والأجهزة الإدارية والفنية لتنعكس على تطور وارتفاع مستوى المشاركة الرياضية الوطنية وتمثيل الوطن في المحافل الدولية خير تمثيل, فهل يمكن توافق هذه الطموحات مع مبدأ الربحية الذي تتبناه الخصخصة؟ أتمنى ذلك».
المشروع لابد أن يدرس من كل جوانبه
وتطرق الأكاديمي المتخصص للمشروع المطروح على الدولة لخصخصة الأندية, وقال: «لعدم معرفتي الكاملة عن المشروع المقدم فإنني أتمنى أن يدرس المشروع من جميع نواحيه بحيث يكون عند إقراره وتنفيذه أرضا خصبة لتنفيذه ونموه بشكل صحيح يساعد المستثمرين بنمو استثماراتهم والتي تعتبر شرطا أساسيا لاستمرارهم وفي المقابل نمو القطاع الرياضي بشكل عام ليستفيد منه المجتمع ككل وليس فئة بسيطة لأن الرياضة ليست فقط ربحا ماديا ولكنه ربح معنوي كذلك للوطن من خلال زيادة الانتماء والولاء لهذه الأرض الطاهرة، وكذلك المنافع الأخرى صحياً ونفسياً واجتماعياً وأمنياً وهذه لا تقدر بمال».
وأضاف: «الخصخصة تحتاج للكثير لكي تنجح وأهمها سن القوانين القابلة للتطبيق والعادلة للمستثمر والمجتمع على حد سواء.
وختم الدكتور الربعان حديثه موجهاً رسالته للجهات المسؤولة عن ملف الاستثمار قائلاً: «أتمنى التوفيق للقائمين على هذا المشروع الهام لأنه شيء غير سهل للتخطيط والتنفيذ لعمل أبعاده وجوانبه مختلفة ومتعددة وقد تكون في بعض الأحيان متناقضة مما يصعب المهمة للظهور بمشروع يراعي كل هذه الأمور ويكون ناجحاً.
الفوزان: الوضع الحالي
للرياضة غير جاذب
من جانبه, اعتبر الكاتب المتخصص في الاقتصاد راشد الفوزان أن الخصخصة متى تمت سوف تحرر مسألة الاعتماد الدعم الفردي من شخصية واحدة أو اثنين أو ثلاثة, وقال: «التخصيص عمل مؤسسي بتوفير مصادر دخل ثابتة ومستمرة, وسيكون هناك استثمارات وتشجيع الكثير من رجال الأعمال للدخول في المجال الرياضي, فالوضع الحالي غير جاذب لهم لعدم وجود أنظمة أو قوانين أو تشريعات تحمي استثمارات رجال الأعمال, وبالتالي التخصيص يعتبر العمل الاحترافي الصحيح, فالرياضة أصبحت في الوقت الحالي صناعة, والصناعة لا تأتي إلا بعمل استثماري مؤسسي وقوي, ويفترض أننا بدأنا فيه منذ سنوات طويلة, ولكن إلى لم نجد هذا الشيء».
وشدد الفوزان على أنه متى تحولنا للتخصيص الحقيقي وطبق بطريقة جيدة وصحيحة فإنه سيعمل نقلة كبيرة في المجال الرياضي.
وعن الإضافة التي قد تحدثها الخصخصة في القطاع الرياضي, قال: «أعتقد بأنها ستضيف مصدر دخل سيكون واضحا مؤسسيا, وسيكون هناك مجال لجذب محترفين ومتخصصين في المجال الرياضي كعمل, فالاستثمار الآن غير موجود في الأندية, وكل الموجود مجرد اجتهادات فردية مبعثرة, ولكن متى وجد التخصيص سيكون هناك عمل مؤسسي, وسيكون هناك إدارات وتقسيمات, وسيكون هناك محترفون ومتخصصون في الاحتراف والاستثمار, وسوف تكون الأفكار الاستثمارية موجودة حيث استثمار النادي والملعب واللاعبين وغيرها, وبالتالي النادي يستطيع من خلال هذه الأمور توفير مصادر دخل إضافية, بالإضافة إلى دخل القميص والملعب والمواقع والجوال وغيرها الكثير, وهذه ستتوفر لأنه سيكون هناك قانون استثماري يحميهم, ولكن هذا لن يبدأ إلا مع التخصيص الذي لو أقر فسوف يأتي رجال الأعمال وسيضخون الأموال في الأندية».
وزاد الفوزان: «بعض رجال الأعمال سيضخون المادة وقد لا ينظرون للربح خلال سنة أو سنتين, فالقيمة عالية وفعالة في أن يأتي رجل أعمال كبير ويملك هذا النادي, وهذه تعتبر من أفضل عمليات التسويق له ولشركاته».
وعن مدى توقعه لإجازة المشروع المقدم للدولة لخصخصة الأندية, قال: «هذا توجه إجباري, فنحن لا بد أن نتوجه للتخصيص, وهو أمر مصيري, وأعتقد بأننا لن نتجاوز 2018 إلا وقد بدأت الأندية في عملية التخصيص إجباريا فهذا التوجه توجه دولي, ومثل ما أجبرنا على تغيير الملاعب والكراسي والتذاكر الالكرونية وغيرها سيأتي التخصيص, ولكن السؤال كيف ستكون آلية التخصيص, أعتقد بأنه لا بد من بناء قانوني وتنظيمات تشريعية واضحة في عملية تخصيص الأندية, وآلية التحول, أيضا يجب ألا يكون التركيز على ناديين أو ثلاثة, فيجب أن يكون التخصيص أكثر شمولية حتى يكون هناك تنافس وضخ مالي, وحتى يكون هناك منافسة جذابة بين الأندية».
وأشار الفوزان إلى أن التخصيص أمر اقع لا محالة, ولك نحن يجب أن نكون استباقيين, وقال: «على المستوى الشخصي أشعر بأن هناك بطئافي عملية التخصيص, وليس هناك فاعلية كبيرة, بل هناك ديناميكية عالية لا أعلم ما سببها ولا أفهم».
وأوضح الفوزان أن التخصيص سيطور الرياضة السعودية, وقال: «يجب أن نبرز الإيجابيات حتى تعيها الجهات المسؤولة عن ملف الخصخصة, فالتخصيص سيطور الرياضة, وسيتيح الفرصة للشباب للعمل في الرياضة, ناهيك عن تطور المنشآت والبنية التحتية, ومتى خصصت الرياضة وأصبحت صناعة فسوف تكون مثل السياحة مصدر دخل مهما, وهذا مانشاهده حاليا في إسبانيا والبرازيل وغير من الدول التي تعتبر رموزا في هذا المجال, وبعضها اشتهر في كرة القدم أكثر من شهرتها في أي مجال آخر».
وأضاف: متى تعاملنا مع الرياضة كصناعة بشكل احترافي ومحترف فأعتقد بأن هذا يعتبر قفزة مهمة للرياضة السعودية, أما ما يحصل الآن فهو مجرد جهود مبعثرة بدليل تنصيف المنتخب الذي يعتبر من أسوأ التصنيفات, ناهيك عن ندرة المواهب, وقلة الإنجازات في الفترة الأخيرة, وكل ما نفعله الآن هو أن نتنافس محلياً لا أقل ولا أكثر».