مع قرار البنك المركزي الأمريكي بتأجيل برنامج «التيسير الكمي النقدي»، تنطبق عبارة «جعلوني أدفع أكثر» بالتمام والكمال على إندونيسيا. بمعنى آخر، فلو انتظر هذا البلد المسلم 9 أيام لكان قد دفع أقل للمستثمرين الذين اشتروا تلك الصكوك السيادية (لمعرفة الخلفية، راجع إلى الزاوية السابقة والمنشور بعدد 14964). لا أدري من نلوم على ذلك الإسراف المالي «اجتهاد خاطئ في التقدير» والذي حصل لخزينة الأمة (هذا الاجتهاد سيكلف الخزينة بضعة ملايين من الدولارات). هل نلوم البنوك الاستثمارية المرتبة لعملية الإصدار وذلك بعد أن صوروا لذلك البلد المسلم أن الولايات المتحدة ستمضي قُدما وتوافق على تخفيض مشترياتها من السندات (البالغ قيمتها 85 مليار دولار شهريا) وعليه سترتفع عوائد سندات الخزانة؟ لتكون عواقب ذلك ارتفاع تكلفة الاقتراض على الجانب الإندونيسي أكثر فأكثر؟ (للذين لا يعرفون العلاقة بين سندات عوائد الخزانة الأمريكية والصكوك، فإن بعض المصدرين يلجأون لعوائد الخزانة من أجل أن تساعدهم في تسعير السندات الإسلامية).
من المفترض للبنوك المرتبة لعملية الإصدار أن تأخذ جانب الوسط بين المستثمرين والحكومة. بمعنى ألا تنقل وجهة نظر واحدة. ففي تلك الفترة ما قبل الإصدار كنت لا أرى إلا الإعلام غير المتخصص (في الأمور المالية) والذي كان يصور الأمر كما لو أن المركزي الأمريكي سيمضي قُدما في قراره. ومن أجل إثبات ما ذكر أعلاه، تصفحت أرشيف الأخبار الاقتصادية القادمة من وكالة بلومبرج العالمية. ووجدتهم قد نشروا نتائج استطلاع للرأي يوضح أن 35% من الذين شملهم المسح يرون أن الفدرالي الأمريكي سيقوم بتأجيل قراره إلى أكتوبر أو ديسمبر من السنة الحالية. وفي الوقت ذاته توقع 38% أن يبدأ المركزي بتخفيض مشترياته من السندات في اجتماع سبتمبر (والذي سبق وأن انعقد). هل يا ترى كان مستشارو الوزارة على علم بـ»نبض» السوق أم قامت البنوك، ذات النزعة التجارية» بتغييب تلك المعلومة عنهم؟ ألا يوجد جهة حيادية تدافع عن «حياض» دولنا الإسلامية عندما يتعلق الأمر بتسعير الصكوك وترتيب عمليات الإصدار؟