سؤال لا يتفق عليه: ما هي أهم القضايا التي تهمك؟
وسؤال أواجهه في كل موقع تواصل منذ عينت في مجلس الشورى, وأجزم أن كل الزميلات يتلقين مثله استيضاحات وتوسلات: ما هي أولوياتكن في المجلس؟ ماذا ستفعلن لإخواتكن المواطنات؟ أو حتى بصورة أكثر توجيهاً: ارفعوا الظلم عن الخريجات القديمات! حلوا مشكلة البديلات! أو تأتي مبطنة اتهاماً بالتقصير واتهامات ولمزات وطعنات: همكن سياقة المرأة وتغريبها بإخراجها من المنزل!! وتخدمن أولويات النساء المخمليات!!
هكذا بصيغة الجمع..
القضايا كثيرة وحقيقية وزوايا الرؤية كثيرة والعدسات متعددة وبعضها مغبشة!
أقول: ليس الأمر قضية المرأة منعزلة عن قضية الرجل.. ولا هي قضية أولوية لأي. بعينها هي قضية وطن وقضية مجتمع يضم كل المواطنين بكامل حقوقهم وكامل مسؤوليات انتمائهم له.. رجالا ونساء, شبانا وشيبا, عاملين وعاطلين ومتقاعدين من الجنسين.. في كل موقع.. حتى من لا يعملون باختيارهم أو غصباً عنهم كذوي الاحتياجات الخاصة لهم حقوق وبالتالي قضية يرون لها أولوية.
إذا كنت فرداً له ولاء خاص لغير الوطن مثل نفسك أو فئتك أو تيار فكري بعينه فلك أولوياتك ولكنها لن تكون بالضرورة أولوياتي في تحديد أهمية القضايا.
كل فرد يرى الجواب من منطلق معاناته الشخصية أو تخصصه العلمي. وهناك هامش مشترك عام ففي انتشار ضعف التأهيل وقلة فرص التوظيف واكتظاظ القطاع العام وتضاعف أعداد الخريجين من الجنسين من نظام تعليم متوارث لا يرتبط باحتياجات سوق مرتبط بالاقتصاد العالمي نجد أن قضية الكثيرين والكثيرات هي الحصول على وظيفة.. أو بصياغة أقرب، إيجاد وظيفة تناسب تطلعات الفرد منهم, فهم لا يعنون أي وظيفة بل وظيفة مختارة تقدم لهم كل يودون من مستحقات وتضمن لهم إجازة أسبوعية وسنوية لا تقل عن الآخرين واستلام راتب مجز. ومن باب أن من حق كل فرد أن يحلم بما يناسبه فمن حق الجهة الموظفة أن تطلب موظفين تناسب مؤهلاتهم وتدريبهم متطلبات الوظائف الشاغرة. وإذا سمح باستمرار ممارسة الأنانية فسيظل طالبو الوظائف يحلمون بوظيفة تتغاضى عن عدم التزامهم بمتطلبات العمل الوظيفي, وتظل الجهات الموظفة مستمرة في اختيار الأقربين للوظائف المجزية المردود ثم من يقبل بأقل الرواتب وأقل مستوى للتذمر أو ممارسة المطالبة بالحقوق.
من هنا جاء تفشّي الاستقدام, وتسلل وتنامي غول العمالة المستوردة والتلكؤ في التوطين والتدريب.
كل القضايا متداخلة الجوانب؛ ومن منطلق تخصصي في التخطيط التربوي واهتمامي بالتنمية الشاملة أهم القضايا في رأيي هي تسريع التنمية الشاملة! وأولها تنمية الشعور بالمسؤولية عن المستقبل العام.
الأولوية ليست فقط أن نوظّف أي فرد بل أن يوظّف حيث سيكون مردود توظيفه مضموناً لمن سيقدم له خدماته. أن يصر أحدنا على ما يضمن له راتباً جيداً وإجازة طويلة ودواماً قصيراً, ولا يضمن أن يقدم أي شيء بالمقابل, أو تصر جهة التوظيف على موظف مطيع قابل للتقييد بلا شكوى, وضع لا يخدم تحقيق الهدف العام وهو التنمية الشاملة.
أود أن أرى المجتمع يتحول ليتعامل أفراده بجد, ويتطور إلى تفاعلات أفضل بين مكوناته تؤدي إلى منجزات لها جدوى عامة, اجتماعياً واقتصادياً في إطار تنمية شاملة. بهذا فقط سنرى الجميع راضين عن موقعهم من المعادلة المجتمعية العامة.