في صباح يوم السبت 24-4-1433هـ، تشرف عدد من أفراد أسرة العجاجي بالسلام على صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز - في مكتب سموه بالمعذر، وقاموا بإهداء سموه وثائق تشمل مراسلات الشيخ محمد العبدالعزيز العجاجي -رحمه الله- مع عدد من أفراد الأسرة المالكة الكريمة يتقدمهم الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود، ومؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز، والأمير عبدالله بن جلوي آل سعود والأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي والأمير سعود بن عبدالله بن جلوي -رحمهم الله- وغيرهم من أفراد هذه الأسرة الكريمة. ولذا نرى من المناسب التطرق إلى شخصية الشيخ محمد العبدالعزيز العجاجي، الذي حظي بثقة مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز ومن قبله والده الأمام عبدالرحمن.
فهو الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن سيف العجاجي، من آل سيف، من العجاجات، من بطون قبيلة آل كثير اللامية الطائية المشهورة في نجد.
كانت أسرته آل العجاجي تقيم في العمارية والعيينة، وفي حريملاء عاصمة بلدان الشعيب من نجد، ثم انتقل بعض أفرادها إلى ضرماء والقصيم والأحساء، وبقي منهم في حريملاء بقية، وهي أسرة شهيرة أنجبت العديد من العلماء والمشايخ والأمراء والوجهاء والتجار والشعراء، ولها تاريخ نصرة وولاء مع الدولة السعودية الأولى والثانية، كما شارك 14 منهم في جيوش توحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك عبدالعزيز.
كان جده سيف العجاجي من أعيان بلد العمارية وأثريائها، ومن المناصرين لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وقد صاهره الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود - الإمام الثالث في الدولة السعودية الأولى - فتزوج الأمام سعود بنت سيف العجاجي. أما جده محمد بن سيف العجاجي - رحمه الله -، فكان من قادة الإمام تركي بن عبدالله وابنه الإمام فيصل رحمهم الله، تولى عددا من المهام القيادية والأمارات في دارين والقطيف والبريمي، وله ذكر غير خامل في كتب تاريخ الجزيرة العربية، وهو أول من سكن الأحساء من أسرة العجاجي عام 1266هـ.
أما والده عبدالعزيز بن محمد بن سيف العجاجي -رحمه الله- فقد ولد في الرياض أو الأحساء في أواسط القرن الثالث عشر الهجري، ووالدته السيدة منيرة بنت حمد المزروع -رحمها الله-، من أسرة آل مزروع التميمية العريقة، رؤساء بلد منفوحة. كان من مشاهير تجار الأحساء، وكانت تجارته ما بين مكة المكرمة غربا وحتى الهند شرقا، مرورا بالرياض والأحساء - حيث مركز تجارته - والبحرين وقطر. كان لعبدالعزيز بن محمد العجاجي علاقة متينة بالإمام عبدالرحمن الفيصل رحمه الله، وكانت تجمعه بالشيخ قاسم بن محمد بن ثاني مؤسس دولة قطر رحمه الله علاقة صداقة ومودة.كما كانت لعبدالعزيز المحمد العجاجي علاقات تجارية متينة مع أسرة فخرو التجارية في البحرين، وخاصة مع يوسف بن عبدالرحمن فخرو، وأسرة آل كنسارة وآل العوهلي في مكة المكرمة. توفي عام 1334هـ في الأحساء.
ولد الشيخ محمد العبدالعزيز العجاجي في شهر ذي الحجة عام 1293هـ في مدينة الرياض، وأمه السيدة سارة بنت حمد السويلم، من أسرة السويلم الشهيرة بالرياض، والتي تنتسب إلى قبيلة العرينات من سبيع. نشأ في كنف والديه، وكانت ترعاه والدته المتدينة بسبب كثرة أسفار والده التجارية، حفظ القرآن كاملاً، وتعلم مبادئ العقيدة والفقه، والقراءة والكتابة، على يد مشايخ الرياض في تلك الحقبة التاريخية أمثال الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، والشيخ عبدالله الخرجي، والشيخ محمد بن مصيبيح. ثم انتقل مع والده إلى الأحساء عام 1309هـ وبقيت والدته في الرياض. عند نزولهما الأحساء سكنا في البيت الذي اشتراه محمد بن سيف العجاجي في النعاثل بالهفوف. كان محمد ذراع والده الأيمن في تجارته فاكتسب خبرة تجارية في وقت مبكر.
وكان محمد العبدالعزيز العجاجي من كبار تجار الأحساء حتى قبل دخولها تحت الحكم السعودي، بعد وفاة والده اهتم بإخوته إبراهيم وعبدالرحمن وحسن وزوجهم واستعان بهم في إدارة أملاك العائلة المتزايدة. فجعل إبراهيم ذراعه الأيمن في كافة شؤونه، خاصة في إدارة مزارع الأحساء، وجعل أخاه عبدالرحمن مسؤولا عن التجارة الخارجية، وأرسل أخاه حسن وابنه ناصر إلى الكويت لإكمال تعليمهما تحت إشراف صديقه التاجر الكويتي يوسف الغانم. كان له كثير من التعاملات التجارية بكبار تجار المملكة والخليج والعراق والهند، ومن أشهر من تعامل معهم: محمد الغنام (بريدة)، ومقبل الذكير، وعبدالعزيز السليمان الزامل، وفرج بن عامر الحقباني، وعلي بن محمد بن شاهين، وحمد بن عبدالعزيز بن حجي، وإبراهيم العبدالعزيز الجميح، وعبدالعزيز وحمد العبدالله الجميح، وعبدالله وسليمان الناصر بن عبيد، وعبدالعزيز العبدالكريم المهنا، وحمد بن عبدالعزيز السليم، وعبداللطيف العلي العيسى، وعبدالله بن حمد النفيسي، وعبدالرحمن العبدالعزيز الزامل السليم، وعبدالله العبدالعزيز الحسن، ومحمد اليوسف النافع، وعبدالله الفهد، وعبدالعزيز السدحان، وجاسم بودي، وعبدالله الغانم، وعبدالمحسن بن ناصر الخرافي، ومحمد بالغنيم. وكانت شركة محمد العبدالعزيز العجاجي أول وكيل لشركة جنرال موتورز الأمريكية للسيارات، وكانت وكالته بتاريخ 1928هـ يقول الأستاذ بشار الحادي: « والسيارات من عدة ماركات مثل: كاديلاك، وبيوك وغيرها، كذلك يقومون باستيراد قطع غيار السيارات»، كما أسست شركة محمد العبدالعزيز العجاجي وإخوانه أول مصنع للتمور في الأحساء، وقد أهدى محمد العجاجي باكورة إنتاجه للملك عبدالعزيز الذي شكره على جهوده في تطوير الاقتصاد الوطني، وكانت تمور هذا المصنع تصدر إلى مختلف دول العالم حتى وصلت الأرجنتين والبرازيل قبل 90 عاما تقريباً. يقول المؤرخ البحريني الأستاذ بشار الحادي: « وقد كانوا يستعينون بآل عجاجي في استيراد السيارات الفارهة، والأقمشة عالية الجودة، والتمور الفاخرة وما إلى ذلك، وما ذاك إلا لخبرتهم باستيراد أجود الأنواع، وكثرة وكلائهم في الدول البعيدة والمجاورة، فنجد امتدادهم يغطي مسافات شاسعة تمتد غرباً ما بين الجبيل إلى البصرة وبغداد وما بين بيروت إلى الإسكندرية، أما شرقاً فنجد وكلاءهم ما بين دبي إلى لنجة وصولاً إلى كراتشي وبومبي وعدن».
المراجع:
1 - المنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب، عبدالرحمن المغيري، 190-291
2 - علماء نجد خلال ثمانية قرون، عبدالله البسام، 3-216.
3 - أصول الخيل العربية، حمد الجاسر 147.
4 - عنوان المجد في تاريخ نجد، عثمان بن بشر، 2-70.
5 - إضاءات في تاريخ العجاجات، عبدالرحمن العجاجي. 89-128 - 403-406.
6 - قضايا تاريخية، حمود بن عفيصان، 108، 140.
7 - العلاقات السعودية البحرينية في عهد الملك عبدالعزيز، طلال الطريفي، 135.
8 - العجاجي وذكريات من الماضي، بشار الحادي، صحيفة الوقت البحرينية، العدد 763 الأثنين 16 ربيع الأول 1429.