أنا مواطن اشتريت قطعة أرض سكنية بالتقسيط عام 1397هـ بمبلغ ثلاثمائة ألف ريال، دفعت مقدما قدره ثلاثون ألفا، ثم أقساطا شهرية لمدة خمس سنوات، بمعدل خمسمائة ريال مع أن راتبي الشهري كان سبعمائة، وحينما أنهيت الأقساط عام 1402هـ، ونحن الآن في عام 1433هـ، فهل ستنتهي معاناتي أخيراً بعد ثلاثين عاماً؟
لم نكن نعرف عن أمر المساهمات العقارية المعلقة في شمال الرياض وشرقها، والتي ظلت لمدد تصل إلى عشرين وثلاثين عاماً، مما جعل هؤلاء المواطنين ينتظرون حل مشكلة أملاكهم، منهم من بقي حتى الآن، ومنهم من تولى ورثته المطالبة بإنهاء حقوقه في هذه المخططات السكنية، ولكن السؤال الأهم هو: كيف ولماذا بقيت هذه المخططات معلّقة كل هذا العمر؟
حينما نتحدث عن أمر البيروقراطية التي تعيق البلاد وتعرقل تطورها، في معظم المجالات، الإنشاء والتعليم والصحة والمواصلات، فإننا نعني أن العالم من حولنا يسير بشكل حثيث كي ينجز ويحقق أحلامه ويصل إلى ما يريد بأقصر الطرق، فما ننتظر تحقيقه ثلاثون عاماً، يحققه الآخرون في ثلاثة أعوام.
حينما توضع قضية أو مشروع على طاولة مجلس الشورى، وحينما يعتمد إنهاء قضية أو إنجاز مشروع من مجلس الوزراء، فإن التحدي الأول الذي يواجهنا جميعاً هو الوقت، متى سينفذ هذا المشروع أو ذلك؟ متى ستحل هذه المعضلة أو تلك؟.
هذا الأمر الذي يؤكد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله مراراً، حين يقدم له أي مشروع، فإنه بتلقائية واعية يسأل دائماً عن مدة التنفيذ، ويطالب دائماً باختزال مدد التنفيذ للمشروعات، لشعوره أن الزمن يمضي ونحن ننتظر حل مشكلة قد لا تحتاج إلى كل هذا الانتظار، فكثير من المساهمات العقارية والمخططات المعلَّقة قد لا تحتاج كل هذا الزمن من الانتظار، فقد يمكن حل معظمها خلال سنتين أو ثلاث على الأكثر.
ولاشك أن هناك أيضاً الكثير من القضايا المنسية، والكثير من المشروعات المتوقفة، تنتظر التسهيل للمواطنين، ولعل الأهم هنا أن نتنبه إلى القادم من المشروعات، فعلى سبيل المثال، مشروع مهم وحيوي كمشروع النقل العام، الذي اعتمده مجلس الوزراء مؤخراً، يجب فعلاً بألا تتجاوز مدة تنفيذه، وبالتالي تشغيله، أربع سنوات قادمة، بمعنى أنه لابد أن يكون هناك مراحل تنفيذ محددة، تؤدي الشركات المنفذة ما عليها، وتلتزم الجهات الحكومية بما عليها من سداد مستحقات حسب مراحل التنفيذ، كي لا يضطر المقاول إلى التوقف لأشهر، بحجة أن الجهات المسؤولة لم تفِ بالتزاماتها حسب العقد، وهو أمر قد يحدث أحياناً.
هناك الكثير من المشروعات التي ينتظرها المواطن بفارغ الصبر، خاصة على مستوى النقل العام على مستوى البلاد، وليس على مستوى مدينة بذاتها، خاصة مع تعثر الناقل الجوي الوطني، الخطوط السعودية، وفشل الطيران التجاري، في تغطية احتياجات المواطنين في التنقلات بين مدينة وأخرى لإنجاز مصالحهم، فبلاد مثل السعودية، بحجمها الذي يقارب حجم قارة، لم تزل تنتظر إنجاز مشروع السكة الحديد بين مختلف المدن، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، صحيح أن مشروع السكة الحديد المتعلق بالشحن، وليس بالركاب أوشك أن ينتهي، لكن نقل الركاب أعتقد أنه في مستوى لا يقل عن نقل موارد البلاد، فالركاب هم الموارد البشرية التي يجب الالتفات لها والاستثمار فيها.