«جازان» ليست منطقة بالعرف السائد في معنى كلمة «منطقة» بل هي «قصيدة عربية أصيلة» مكتملة الوزن والقافية والإبداع الفني والصور البلاغية الفخمة، قصيدة تتميز بجمال كل حرف من حروفها، وبهاء كل كلمة من كلماتها، وشموخ كل قافية من قوافيها، والتناسق العجيب بين معانيها ومبانيها.
هذه هي منطقة جازان بمحافظاتها ومراكزها التي تبلغ أربعاً وأربعين محافظة ومركزاً، عفواً أقصد أربعاً وأربعين قصيدة شعر يترنم بها البحر، والرمال، والتلال والجبال، والبساتين، والأودية صباح مساء، ويتفاعل معها المواطن الجازاني تفاعل العربي الأصيل الذي يعرف قيمة الشعر، ومكانة البلاغة والبيان.
محافظات جازان «ثلاث عشرة محافظة» منها ما هو بحري، ومنها ما هو ريفي، ومنها ما هو جبلي، ولك بين ذلك أن تعيش جمال هذا التنوع الجغرافي البديع.
ومراكز جازان الإدارية «واحد وثلاثون مركزاً» تتناثر إيقاعاتها على هذا البساط الجازاني الجميل.
زرت هذه «القصيدة الأصيلة» أكثر من مرة للمشاركة في مهرجانات كبرى، أو لإقامة أمسية شعرية، وكنت في كل زيارة أترنم بأبيات هذه القصيدة، وأستمتع بما أسمع عنها من أهلها الذين يعشقون قصيدتهم «منطقتهم» عشقاً يصلح أن يضرب به المثل للحب الصادق والوفاء، وكنت في الزيارات السالفة جميعها أستعجل العودة إلى هذا الشذا مستجيباً للمشاغل التي تتفنن في حرماني من الراحة كما هو شأن معظم الناس، وهو حرمان ثقيل، نستسلم له واهمين - غالباً- ولو قاومناه حينما تلوح لنا فرص للمتعة والراحة لأرحنا نفوسنا من همه الكبير.
أما هذه الزيارة الأخيرة لجازان فقد تميزت بأمور متعددة:
1. الرفقة الطيبة المباركة.
2. جدول الزيارة المنظم بصورة متقنة.
3. قدرتي على قطع حبل وهم المشاغل بالرغم من وجودها بصورة أوسع مما كان سابقاً.
هذا التميز لهذه الزيارة جعلني مع الإخوة الكرام الذين رافقتهم نتذوق جمال القصيدة البديعة التي تحمل عنوان «جازان».
تواصل معي هاتفياً منذ أكثر من شهرين الأخ الكريم د. أحمد باهمَّام، والأستاذ محمد بن إسماعيل الحارثي، المدير التنفيذي لجمعية الإحسان الطبية الخيرية مسؤول المكتب التعاوني الدعوي الخيري في الحسيني والنجوع، وكان لحرصهما ومتابعتهما دور كبير في انتشال نفسي من بعض ما يُسمى بـ»الارتباطات»، وقد أحسنا إلي بذلك إحساناً كبيراً، كما أحسنا به إلى أعضاء الوفد جميعاً.
بدأت رحلة «البهاء الجازاني» مساء يوم الثلاثاء 3-6-1433هـ، وانتهت مساء يوم الجمعة 6-6-1433هـ.
كيف بدأت وكيف انتهت؟ وماذا بين البدء والانتهاء؟ هذا ما سأحدثكم به في أربع مقالات عن قصيدة «جازان» إن شاء الله تعالى.
إشارة:
مَنْ لِصَبٍّ هاجه نَشْر الصَّبا
لم يَزدْهُ البين إلاَّ نَصَباَ
وأسيرٍ كلَّما لاح له
بارق القبلةِ من «صَبْيا» صَبَا