وها قد انتهت ورحلت الاحتفالية الثقافية الثرية بكل أجناس العلم المعرفة والتي تحل ضيفا عزيزا علينا كل عام، نترقبها بشوق الظامئ لتبل أوام أرواحنا من معين العلم والمعرفة واقتناء الكنوز من خير جليس في الزمان, فما إن ترحل عنا هذه الاحتفالية القصيرة في عمرها، الغنية في عطائها الفكري والروحي حتى يتجدد الشوق إليها ثانية. لا يختلف اثنان على مدى النجاح الذي سجله معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام والذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في وكالة الوزارة للشؤون الثقافية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - وافتتحه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة, حيث تجلى هذا النجاح من خلال فعالياته وأنشطته الثقافية المتنوعة والجديد منها, كتخصيص جوائز لعشرة كتب متميزة في مجالات مختلفة, وجوائز لأفضل تصاميم للكتب وأغلفتها, وفتح المجال للنشر الإلكتروني للكتب, وتدشين معرض الكتاب الافتراضي, وإتاحة الفرصة للمؤلفين السعوديين الذين ليس لكتبهم ناشر محدد أن يعرضوا كتبهم في الجناح الخاص.
وإن نجاح المعرض وخروجه بتلك الصورة المشرفة الوضاءة يعكس الواجهة المشرقة للثقافة والفكر في بلادنا, كما يعكس بلا شك وعي الفرد السعودي وتقديره للمعرفة واهتمامه بالإطلاع، وقد كان هناك إجراءات اتخذتها الوزارة وساهمت في رفع القيمة المعرفية لمحتويات المعرض تمثلت في اشتراطها التحكيم العلمي وجدية المحتوى للكتاب لقبول دور النشر للمشاركة في المعرض مما حد من عشوائية الكتب والروايات، ومن المظاهر التي عكست أيضا نجاح المعرض ما كانت عليه القوة الشرائية خلال أيامه حيث بدا ذلك واضحا في الإقبال الاستثنائي للزوار على جميع الدور على مدار الساعة مما أدى إلى نفاد مئات العناوين في دور النشر, وفقا لما ذكره مساعد مدير المعرض سعادة الأستاذ عبد الله الكناني. هذا وقد جاء اختيار شعار المعرض اختيارا موفقا (الحياة قراءة) حيث أوضح في هذا الصدد المشرف العام على المعرض سعادة الدكتور ناصر الحجيلان وكيل الوزارة للشؤون الثقافية على أن شعار المعرض تم اختياره لما تمثله القراءة من أهمية في الحياة فهي التي تفتح آفاقا في العقول وتمثل حياة خصبة واسعة يطوف من خلالها القارئ على شتى البقاع.... إلى آخر ما ذكره في كلمته القيمة التي ألقاها في حفل افتتاح المعرض, كما أشار سعادته إلى استفادة الوزارة من الآراء والأفكار والمقترحات التي ترفع لها, وهنا نقول هذا أمر محمود إذ لا شك أنه سيسهم في استمرار المعرض لتحقيق نجاحاته العام تلو العام. لا شك أن تخصيص مواعيد زيارة المعرض للجميع الذي أقرته الوزارة يضفي الكثير من البهجة والوهج على التسوق بين أروقة المعرض والتمتع بالنزهة الفكرية للأسرة الواحدة لما تتاح لهم من فرصة التشاور وتبادل الآراء حيال ما يودون اقتنائه، إضافة إلى أن نظام الزيارة للجميع قد يوفر على المرأة عناء مزاحمة الرجال فتجد من الراحة والقدرة المعنوية (إن جاز لنا التعبير) ما يساعدها على التمتع بالتسوق, إلا أن من يرتدن المعرض دونما مرافق لظروف اجتماعية قد يجدن مشقة في مزاحمة الرجال في دور العرض لما جبلت عليه المرأة من حياء فطري, يجبرهن على ذلك الحرص على ألا يحرمن من نصيبهن في هذه الفعالية, في حين أن هناك الكثير من النساء اللاتي حرمن من متعة هذه الزيارة لطبيعتهن التي لا تخولهن لمزاحمة الرجال خاصة وأن بعض الدور قد تكون مكتظة بالرجال مما يسبب لهن الحرج، لذا فإننا نأمل بل نرجو يا معالي الوزير إن كان بالإمكان تخصيص يومو يومين من أيام الزيارة للنساء حتى تعم الفائدة جميع شرائح المجتمع التي تعنيها هذه الاحتفالية؟
وإننا لنرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك لعبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله) أسمى آيات الشكر والعرفان لما حازته بلادنا من قدرات وإمكانات فائقة لمواكبة ركب التقدم والأخذ بالمنجزات الحضارية في شتى الاتجاهات وذلك في ظل رعايته واهتمامه الكبير برقي المجتمع وتقدمه ومنها إنجازاته التي لا تحصى في مجال دعم الثقافة ماديا ومعنويا, وما رعايته النبيلة (حفظه الله) لافتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام إلا تشجيعا من مقامه الكريم لروافد الثقافة ومنابع العلم وتنمية الحس المعرفي لدى الشعب السعودي وشحذ قدراته الذهنية وتحفيز روح الإبداع لديه وإتاحة الفرصة الكبيرة والقيمة له للتزود من المعلومات والمعارف المختلفة ليظل قادرا على البناء والتطور.
كما نرفع شكرنا لمعالي وزير الثقافة والإعلام على الجهود التي بذلت لإنجاح فعاليات هذه الاحتفالية الثقافية, والشكر موصول لسعادة للدكتور ناصر الحجيلان وللأستاذ عبد الله الكناني وللجند المجهولين العاملين في وكالة الوزارة للشؤون الثقافية والذين لا شك كانت لهم ب صمتهم المميزة وجهدهم الواضح في نجاح هذه الفعالية, هذا والله نسأل أن يديم علينا مواسم الأفراح ونحن ننعم بالأمن والخير في أرضنا الطيبة.
عضو هيئة تدريس متقاعد / جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن- كلية العلوم