قمم بغــــداد تميزت بالإثــارة السياسيــــة، في توقيتها وتفاعلها. قمة بغداد الأولى، وكانت القمـــة العربية التاسعة 1978، كــــانت بعنوان واحد: “كامب ديفيد”، وفيها كان الانشقاق العربي الأول إلى معسكرين، في مواجهة اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، وعلاقات توتر بين الدول الاعضاء، وهي الاتفاقية التي أدت إلى مقتل السادات، وتسلم حسني مبارك الحكم في الجمهورية المصرية لثلاثة عقود.
والقمة الثانية في بغداد 1990، وشهدت أكبر انقسام عربي في تاريخهم، بعد غزو صدام حسين الهستيري للكويت، والذي دعمته أنظمة عربية، ومنظمات سياسية، من بينها الإخوان المسلمون، وأخرى قومية، وإن اختلف التبرير والتفسير، وهي الحرب التي كانت بداية السقوط لحكم دموي للجمهورية العراقية لأكثر من ثلاثة عقود أيضا.
ومن المفارقة أو المصادفة أن تأتي قمة بغداد الثالثة 2012، مع صعود نجم الإخوان وأحزاب إسلامية سياسية، وإمساكها بالسلطة في تونس، ومصر واقترابها من السلطة في بلاد عربية أخرى.
هناك شعور سياسي عام بأن عقد قمة عربية في بغداد اليوم أمر غير مريح، ولا رغبة أو اتفاق حوله، والإشكالية تتجاوز الوضع الأمني المتأزم وتصاعد أعمال العنف لأعلى مستوى منذ إعلان انسحاب القوات الأمريكية. إلى الداخل السياسي المشوش والمكهرب في تفاصيله، وتصريحات البارزاني الأخيرة والاستقلال الكردي، وقضية الهاشمي، وانتقادات متزايدة للدكتاتورية العراقية الجديدة، واستقلالية القرار السياسي والأمني، كلها عناوين لمشاكل حقيقة.
وقبل ذلك الحديث عن مدى فاعلية عقد قمة عربية؟، فيما تواجه دول تغيرات بنيوية سياسية حادة، ومع تسريبات عن تجاوز بحث الملف السوري في القمة التي تعقد هذا الأسبوع، حيث لا يوجد ما تضيفه بعد عجز أصدقاء سوريا الدوليين، وتحرك المجتمع الدولي، حتى الساعة- عند أقل مستوياته.
وماذا يمكن له لقمة أن تفعل في زمن الثورات العربية؟، وارتفاع وتيرة المشاركة السياسية والحريات الإعلامية، يقابلها تصاعد سقف الشارع العربي وتطلعاته في وقت يقود الشباب مسارات حراك متنوع؟.
هكذا لم يعد في قمة بغداد الثالثة عنوان مثير، سوى كونها تعقد في بغداد، و تحديدا في المنطقة الخضراء..