باختصار يقول الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُول ُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (سورة الحشر:7) ويقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إلى قوله.. {أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} (سورة الحجرات:2) ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له»، وفي رواية (فأتموا عدة شعبان ثلاثين يوماً)، فالمسلمون من عهد نبي الله صلى الله عليه وسلم ولهم يعتمدون في صومهم وإفطارهم وحجهم، على منهج رسمه لهم نبيهم دون تكلف أو تشكيك. ولا زالوا وإلى قيام الساعة بإذن الله. فهل بقي مثل ما مضى من الزمن؟ الله أعلم. ولنعلم أن الله تعالى يقول عن رسوله صلى الله عليه وسلم: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (سورة النجم:2-4) فقول: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ* وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (سورة الحاقة: 38-40) وقوله «إنا أمة أمية لا نكتب، ولا نحسب..». أي لا تقرأ ولا تحسب ولكنهم في شرع الله أعلم خلق الله به. ولو كان الأمر كذلك لبينه النبي صلى الله عليه وسلم إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة على الأصح. كأن يُقال: (صوموا لرؤيته..) إلا إذا علمتم الحساب أو علم الفلك. أو لمن لا يملك إلا الرؤيا! فَعلمُ الفلك علم قديم قبل البعثة، فكان من الممكن الإشارة إليه، كما بين الله لنا الكثير مما سيحدث من تطور علمي وغيره، في الحياة الدنيا، مثل قول الله تعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (سورة النحل:8) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (سورة الصافات:96) فمن كان يعلم بصنع القطار والطائرة والسيارة؟ بل في سلوك الإنسان، قول الله تعالى: لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ (سورة الحشر:14) فمن كان يتصور أن الصهاينة يطبقون ذلك في فلسطين المحتلة وأعوانهم في بغداد، في هذا العصر عصر حرب النجوم والفضاء؟ ولم يمنعهم مقولة: (العلم يتطور، والاكتشافت، وعلوم الفضاء، والفلك في تقدم مذهل، والتكنولوجيا التي ترصد حركة الأفلاك، والنجوم أصبحت متوافرة، ومتقدمة، ودقيقة، وعليه فلا وجود للأخطاء..).. فهم يقاتلوننا مِن وَرَاء جُدُرٍ (سورة الحشر:14) كما أخبرنا الله تعالى: «أما رصد الأهلة» فيهمنا فيها الآن ثلاثة أمور: الصيام، والحج، والتقويم السنوي، فما كان عبادة مباشرة من صيام وحج فلا خروج لنا عن النصوص، ففي الصيام لا خروج عمَ ورد بالنص فيه: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له»، فليصم كل قطر حسب رؤيته حتى لو صام بعض الأقطار قبلنا أو بعدنا، أو زاد لبعضنا يوماً، فالله يقول: أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ (سورة آل عمران:195) وإن نقص يوماً فالله يقول: ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (سورة البقرة: 178) المهم عدم الاعتداء على سنن الإسلام، ومن المعلوم مثلاً قد لا يهل الهلال إلا بعد عبوره الخليج العربي، فهل نلزم من كان في الشرق الصيام معنا؟ لأن الفلكيين يذكرون بدء الهلال؟، وكذا الأمر في العيد وغيره؟ فالحرج مرفوع عن المسلمين، ففي سنن أبي داود ترجمة (باب إذا أخطأ القوم الهلال)، عن أبي هريرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه: قال (.. وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون.. الحديث) أي فلا داعي للتشكيك) سواء بأن كان الهلال موجوداً ولم يُعرف، إو إذا حصل نقص فيه فصاموا، فصيامهم معتبر، فالصوم يوم يصوم الناس، وكذا صيام عاشوراء، قول النبي صلى الله عليه وسلم «خالفوا اليهود، صوموا يوماً قبله، أو يوماً بعده «أي للمخالفة، وقد يكون أيضاً للتأكد من صيام اليوم المطلوب، فإن كان شهر ذي الحجة ناقصاً فيصام يوم بعد عاشوراء، أو كان تاماً فيصام يوم قبله فندرك بإذن الله يوم عاشوراء.. وأما الحج فحُدد في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة وعلى الجميع التقيد بما ثبت في البلد الحرام من الرؤيا، فلا حج من غير مكة، وقد نص الفقهاء على أنه لو وقف الناس بعرفة اليوم الثامن أو العاشر خطأ، فإن حجهم صحيح لما جاء في الأثر: (الحج يوم يحج الناس وهذا يوم حج الناس)، لكون المكلفين إنما خوطبوا بالظاهر الذي يسعهم العلم به، فإذا اجتهدوا فأخطأوا في الهلال ووقفوا بعرفة في غير اليوم التاسع فإن وقوفهم صحيح وحجهم صحيح، ولا يقال: إن عليهم أن يقضوا؛لأن الحج يوم يحج الناس، والأضحى يوم يضحي الناس، والصوم يوم يصوم الناس، فحصول الخطأ الذي جاء عن اجتهاد لا يؤثر ولا يكون عملهم جميعاً غير صواب، وليس عليهم أن يقضوا، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة: إني أحسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله». ولم يقل صيام التاسع من ذي الحجة، أما التقويم السنوي وما شابهه ففلكيين وفقهم الله، والحمد لله الذي شرع فيسر.
مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (سورة المائدة: 6)، وفق الله الجميع لطاعته.