بعض الإعلاميين يرفض مصطلح الإعلام الصحي والإعلام الأكاديمي والإعلام الاقتصادي، فيرون أن الإعلام واحد وهو وسيلة نقل وبث وتحليل المعلومة بغض النظر عن الهدف أو المحتوى، الذي يميز مجالا عن آخر. لن أدخل في هذا الجدل العلمي فله أساتذته وربما يجليه زميلنا في هذه الجريدة الدكتور علي القرني، أستاذ الإعلام ورئيس جمعيتهم. لكنني سأتحدث عن ما يعرف بالإعلام الصحي وخصوصاً بعد أن قرأت فوز وزارة الصحة بجائزة مكتب صحة دول الخليج العربي، لتميزها في الإعلام والتثقيف الصحي.
بعيداً عن كونها جائزة مجهولة المعايير ومنحتها جهة يهمها مجاملة وزارة الصحة السعودية، بحكم المرجعية الإدارية، إلا أنها أثارت بذهني السؤال؛ هل يوجد لدينا إعلام صحي؟ هل ما تقدمه إدارة الإعلام الصحي يصنف إعلاماً صحياً، أم أنه مجرد عمل علاقات عامة وإعلام حكومي همه الأوحد إبراز المسؤول ونشر أخبار الوزارة المختلفة. لا أملك تعريفاً أكاديمياً للإعلام الصحي لكنني أعتبره ذلك الإعلام الذي يقدم مادة مفيدة للمواطن والمتابع من الناحية الصحية.
لبحث موضوع الإعلام الصحي بوزارة الصحة وجدتها إدارة نشطة جداً في مجال الأخبار الصحفية فخلال شهر واحد صدر عن الوزارة أربعة وعشرون خبراً، حسب موقع الوزارة الإلكتروني. أكثر من خبر يومياً، إذا استبعدنا أيام العطل الأسبوعية.، يكرر في غالبية الصحف اليومية. يجب ملاحظة هنا أنه يوجد صحفيون ينتمون إلى وزارة الصحة بكل الصحف الكبرى تقريباً وبالتالي يمكن القول إن وزارة الصحة تعد الأكبر من حيث المادة الإعلامية المنشورة حولها يومياً ومصدرها الوزارة ذاتها.
الآن دعونا نحلل تلك الأخبار ونرى أهميتها للمواطن أو فائدتها وجدواها على صحته:-
- يوجد 5 أخبار عن استقبالات معالي الوزير لشخصيات منها 4 سفراء. بالمناسبة لست أفهم سر عشق وزارة الصحة نحو استقبال سفراء الدول وكأنها فرع لوزارة الخارجية. هي وزارة خدمية وليست سياسية،.
- يوجد 4 أخبار تتحدث عن افتتاح وحضور مسؤولين مؤتمرات وورش عمل
- يوجد 5 أخبار تتعلق بتعيينات وترقيات موظفين وتشكيل لجان
- يوجد 3 أخبار حول مشاريع الصحة
- يوجد 6 أخبار إنجازات أخرى وخطابات شكر من الوزارة لجهات مختلفة وأخبار أخرى
- يوجد خبر واحد يهم الناس يتعلق بانخفاض نوع من الأمراض. نعتبره يهمهم لأنه قد يصب في خانة بث الاطمئنان حول مستوى انتشار المرض.
من خلال التفصيل أعلاه نجد أن ما يقدم عبر إدارة الإعلام الصحي هو في الحقيقة مجرد عمل إعلامي يصب في خانة الدعاية للوزارة وللأفراد ولا قيمة له من الناحية الصحية التي تهم المواطن والمتابع.
أكرر بأن إعلام وزارة الصحة نشط جداً وفق المفهوم السطحي لنشاط الإعلام الذي يرى نجاحه بكثرة مواضيعه التي ينشرها. لكنني أناقش ذلك من مفهوم دور وزارة الصحة المتمثل في التوعية الصحية والتثقيف الصحي ونشر الوعي بكل ما له علاقة بصحة المواطن. ولا بأس في أن يصاحب ذلك نشر الأخبار التي تفيد المواطن حول مستوى الخدمة الصحية وآليات الحصول عليها وكيفية حل الصعوبات التي تعتري الحصول على الخدمة الصحية المتميزة.
النقد ليس لوزارة الصحة بل لجميع القطاعات؛ نريد إعلاماً يفيد المواطن وليس مجرد إعلاماً دعائياً لأن القارئ والمتابع للوسيلة الإعلامية أصبح أكثر ذكاءً في التمييز بين الخبر الدعائي والخبر المفيد الذي يلامس همومه وشجونه.
malkhazim@hotmail.com